الجمعة، نيسان/أبريل 19، 2024

"الحراك الشعبي للإنقاذ": لا ثقة لحكومة سيدر... والمعركة مع قوى السلطة مفتوحة

لبنان
 استكملت القوى السياسية والنقابية والمدنية والطلابية المنظمة للتحركات الشعبية تحركاتها مع تشكيل الحكومة الجديدة، ومناقشة بيانها الوزاري في مجلس النواب. حيث نفّذت اعتصاماً في ساحة رياض الصلح الثلاثاء 12 شباط الجاري، بالتزامن مع انعقاد الجلسة النيابية لمناقشة البيان الوزاري.


كما نفّذت تلك القوى باسم "الحراك الشعبي للإنقاذ" تظاهرة مركزية الأحد الماضي، تحت عنوان "لا ثقة" ضمت الآلاف وانطلقت من ساحة بشارة الخوري مروراً بجمعية المصارف وبلدية بيروت ومركز البنك الدولي حتى ساحة رياض الصلح في وسط بيروت.
المتظاهرون رفعوا شعارات "رفضاً للسياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام اللبناني المعادية لمصالح العمال والموظفين والمزارعين والجماهير الشعبية، وتنديداً بهيمنة القطاع المصرفي على القرار السياسي للسلطة"، مردّدين هتافات تحجب الثقة عن الحكومة وبيانها الوزاري، رفضاً لسياساتها الضريبية وإجراءاتها التي تطال الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وتستمر بإعفاءاتها ودعمها للمصارف والريوع ورؤوس الأموال.

حيدر...
ألقى رئيس رابطة موظفي القطاع العام السابق الدكتور محمود حيدر كلمة باسم المعتصمين قال فيها: "جئتم اليوم جميعاً من مختلف القوى والقطاعات عمالاً وأجراء ومزارعين، طلاباً وشباباً ونساء، معلمين وأساتذة وموظفين ومتقاعدين ومتعاقدين ومتعطلين عن العمل، جئتم لتسجلوا وتعلنوا في الشارع وبالفم الملآن ومن خلال هذه التظاهرة موقفكم الواضح، لا ثقة لحكومة سيدر، لا ثقة، لا ثقة، بعضهم يسألنا: لماذا لا تنتظرون، فبالأمس تشكلت هذه الحكومة ونالت الثقة؟ لهؤلاء نقول: المكتوب يُقرأ من عنوانه، من فمهم تلقينا معكم الجواب وقبل تشكيلها: أما قالوا لنا وسمعناهم:
الحكومة قادمة على اتخاذ إجراءات غير شعبية، الحكومة مقبلة على إجراءات صعبة ومؤلمة مفتتحة بذلك بيانها الوزاري في صفحته الأولى".
أضاف: "ألم نسمع جميعاً على أي أساس طلب رئيس الحكومة الثقة بحكومته ونالها: أليس على أساس أن أرباح المصارف خط أحمر.
بالأمس القريب سمعنا جميعاً ما قاله وزير المال حول إعادة جدولة خدمة الدين العام ثم عاد وتراجع بين ليلة وضحاها، فماذا ننتظر إذاً؟ هل ننتظرهم حتى ينفّذوا ما يقولون؟ أم نتحرك في الشارع للإنقاذ في مواجهة سياسات الإنهيار.
قالوها صراحة: لن يدفعوا من أرباحهم وعلينا نحن أن ندفع من أجورنا، مما تبقّى من مداخيلنا ومعاشاتنا التقاعدية، من لقمة عيشنا، ومن صحتنا ومن حرمان أطفالنا التعليم ومن هجرة خيرة شبابنا ومن بقائنا بلا مسكن ومأوى.
قالوها صراحة بأنهم لن يدفعوا لا بل أنهم ممعنون في نهب ما تبقى من مؤسسات الدولة باسم الخصخصة تحت ستار الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، وهم لم يتركوا شيئاً من هذا القطاع إلّا وقاموا بتصفيته، فعن أي شراكة يتكلمون؟
كلّ ذلك ولا يشبعون، عينهم اليوم على أموال سيدر 11,5 مليار دولار كيف يتحاصصونها كما تحاصصوا أموال باريس 1 و2 و3، بعد أن باعوا البلد ورهنوا قراره بـ 100 مليار دولار ديناً عاماً على الفقراء والفئات الشعبية، رهنوا قراره إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وإلى من هم خلفهما في الخارج، كما رهنوه إلى حيتان المال والفاسدين في الداخل".

وأردف: "هذا هو نمط اقتصادهم الريعي، هذه هي سياساتهم المالية والنقدية وهذه هي نتائجها المدمِّرة وهم مستمرون بها منذ الطائف إلى اليوم. لا شيء تغيّر، يفرضون الضرائب ولا يقدّمون شيئاً بالمقابل. ثلاثون عاماً ولا ماء ولا كهرباء ولا فرص عمل ولا أجور ولا سكن، ولا تعليم، وها هم يستعدون اليوم لتحميلنا نتائج فشل سياساتهم الاقتصادية - الاجتماعية بدل أن يتحمّلوا هم نتائجها، وهم المسؤولون عنها أولاً وأخيراً.
لا ثقة بهذه الحكومة: ولا كبيرة لإجراءات سيدر لأنها تعني زيادة الضرائب غير المباشرة على اللبنانيين وتعني المزيد من إفقارهم، يحاضرون بالتقشف، فليتقشفوا من أرباحهم لا من أجورنا، فلا لزيادة الضريبة على القيمة المضافة، لا لزيادة أسعار المحروقات، لا لزيادة فواتير الكهرباء والمياه، لا لضرب نظام التقاعد وحقوق المتقاعدين وسائر الحقوق الاجتماعية الصحية والاستشفائية، لا لضرب السلسلة والحق بالسكن، تلك هي بعض مقررات سيدر، وهذا هو برنامج الحكومة وهذا ما تريده، وعلى أساسه نالت الثقة من 110 نواب بعد أن تبادلوا تهم الفساد في ما بينهم مقدّمين للبنانيين مشهداً حيّاً عمّا وصل إليه الفساد السياسي في لبنان.
وحتى لا تتشاطروا بالكلام المنمّق عن الفساد، فاللبنانيون يعرفون جيداً أن الفساد فسادكم وهو كامن في نظام المحاصصة السياسية والمذهبية التي تتمسكون به، ومنه يتفرّع إلى القوانين المشرعة له وعبر شبكة المنافع والخدمات الزبائنية. ومن يريد أن يواجه الفساد والهدر ويعيد المال العام المنهوب فليبدأ من هذا النظام ومن المشاركين في نظام التحاصص السياسي وحكوماته المتعاقبة، والذين يتحمّلون كلّ المسؤولية عن هذا المسار منذ ثلاثين عاماً على تطبيق الطائف وإلى يومنا هذا الذي وصلت فيه البلاد إلى خطر الانهيار الاقتصادي".

وتابع: "لهم مشروعهم في مقررات سيدر ولنا مشروعنا البديل: ومشروعنا واضح وضوح الشمس: أيها الحيتان، تريدون المال، المال معكم فادفعوه، إدفعوه بمطلب رئيسي، عدّلوا النظام الضريبي، عدّلوه وآتونا بالأموال المنهوبة بكلّ بساطة، وللسلطة الحاكمة نقول تريدون المال: أخضعوا الفوائد على الودائع المصرفية لضريبة تصاعدية تصل إلى 15% على كبار المودعين، إرفعوا الضريبة على الأرباح إلى 35%، اقتطعوا ثلث أرباح المصارف من الفوائد على ديونها لخزينة الدولة لخمس سنوات، أوقفوا كلّ أشكال الإعفاءات الضريبية، ألغوا الفوائد على سندات الخزينة العائدة لمصرف لبنان، إفرضوا على كلّ رئيس ووزير ونائب أن يصرُح عن حساباته المالية في لبنان وفي الخارج، كافحوا التهرّب الضريبي وأوقفوا مزاريب الهدر والفساد في المرافق العامة، إسترجعوا أموال الهندسات المالية المعطاة للمصارف بدون مقابل، من هنا تبدأ الاصطلاحات، أما المدخل الرئيسي لتحقيق مطالب العمال والأجراء وسائر القطاعات الشعبية والنقابية والوظيفية على اختلافها فهو في أن تتوحّد جميعها حول هذا المطلب الرئيسي الجامع والمشترك وتضعه في رأس أولويات مطالبها الخاصة بها وهو تعديل النظام الضريبي باعتباره المصدر الرئيسي لتأمين الأموال المطلوبة لتحقيق مطالبها الخاصة بها والعامة والتي ندعمها ونؤيدها جميعها، من تأمين الكهرباء إلى المياه والتغطية الصحية الشاملة وحقوق المتقاعدين والمتعاقدين وتحسين نوعية التعليم الرسمي والحق بالسكن وتوفير فرص العمل وتعديل الأجور. وإن تعديل هذا النظام الضريبي الجائر يصبُّ في إلغاء النمط الاقتصادي الريعي الذي أفقر اللبنانيين.
أما المطلب الرئيسي الثاني الذي لا يقل أهمية عن الأول فهو حماية البيئة، حماية صحة اللبنانيين من التلوّث المنتشر في الغذاء والمياه والهواء والمولّد للأمراض السرطانية الناتجة من النفايات والمحارق والكسارات".

وختم حيدر داعياً إلى "المواجهة، إلى توحيد كلّ الجهود والطاقات وفق هذا التوجّه، وإلى توسيع دائرة الحراك بمختلف الاتجاهات، باتجاه حراك نقابي مستقل في كلّ القطاعات، وحراك مناطقي وبلدي وطلابي ونسائي ومهني وإعلامي، وإلى بناء الأطر الشعبية في المدن والقرى، إنها خريطة الطريق نحو التغيير الحقيقي لبناء دولة مدنية ديمقراطية قادرة على تلبية طموحات اللبنانيين في حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم الوطنية".