الجمعة، نيسان/أبريل 19، 2024

غريب: لتجديد حركة التحرّر الوطني العربية وتجسيدها في قيام حركة للمقاومة العربية الشاملة ضد التحالف الإمبريالي

أخبار الحزب
 أطلق كلٌ من الحزب الشيوعي اللبناني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إعلاناً سياسياً مشتركاً بينهما، حول المقاومة العربية الشاملة، ووجّه الطرفان "نداءٌ إلى الشعوب العربية داعيةً للإستعداد لحمل السلاح ومقاومة أي عدوان صهيوني محتمل على لبنان".

حيث عقد الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو أحمد فؤاد، مؤتمراً صحفياً في مقر الحزب الرئيسي في منطقة "الوتوات"، لإطلاق الإعلان وتوقيعه.

غريب
بداية وجّه الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب نداءً إلى الشعوب العربية، داعياً "الشيوعيين والوطنيين للاستعداد لحمل السلاح ومقاومة أي عدوان صهيوني محتمل على لبنان وجنباً إلى جنب مع كلّ فصائل المقاومة والجيش اللبناني"، وقال "اليوم، ومن شوارع بيروت عاصمة لبنان، وانطلاقاً من ندائنا الذي أطلقناه إلى اللبنانيات واللبنانيين حول التحرّك: "للإنقاذ في مواجهة سياسات الإنهيار الاقتصادي ـ الاجتماعي"، هذا التحرّك الآخذ بالتصعيد باتجاه المناطق وعلى المستوى المركزي وجنباً إلى جنب مع كلِّ المتضررين.
واليوم أيضاً، نطلق مع الرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نداءنا الثاني لشعوبنا العربية: إلى المقاومة العربية الشاملة وجنباً إلى جنب مع سائر قوى اليسار والتحرّر الوطني والاجتماعي في منطقتنا العربية ووفق ما نصّ عليه هذا الإعلان السياسي المشترك"، مشيراً إلى "إن إطلاق هذين النداءين بالتزامن معاً، يجسد بوضوح رؤيتنا السياسية لقضية شعوبنا العربية، التي كانت ولا تزال قضية واحدة، قضية تحرّر وطني واجتماعي في آنٍ معاً. تحرّر وطني من السيطرة الإمبريالية والصهيونية والأنظمة الرجعية التابعة لها، وقضية تحرّر اجتماعي من الاستغلال الطبقي والرأسمالي لهذه الأنظمة وسلطاتها الحاكمة".
وتابع "لذلك، وانطلاقاً من هذه الرؤية السياسية، ترانا ندعو، في الوقت عينه، للنزول إلى الشارع للإنقاذ في مواجهة سياسات الإنهيار الاقتصادي، كما نكرّر دعوتنا إلى الشيوعيين والوطنيين للاستعداد لحمل السلاح ومقاومة أي عدوان صهيوني محتمل على لبنان وجنباً إلى جنب مع كافة فصائل المقاومة والجيش اللبناني. وهو الموقف الذي لا بدّ من إعلانه بإدانة خرق الأجواء اللبنانية وشن الغارات على سوريا ما يشكل اعتداءً صهيونياً صارخاً على السيادة اللبنانية وعلى سوريا. إن تجاهل الحكومة اللبنانية مسألة تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة الدفاعية الّلازمة لردع أيّ عدوان أو خرق صهيوني هو بمثابة بطاقة تسهيل مرور لهذا العدوان، داعين بشكل عاجل إلى اتخاذ قرار حاسم بتزويد الجيش اللبناني بالدفاعات الجوية الّلازمة لردع أي عدوان صهيوني على لبنان".
كما اعتبر غريب "إن هذا العدوان الصهيوني وما سبقه من عدوان فاشل على قطاع غزة بفعل تصدّي المقاومة الفلسطينية له هو عدوان صهيوني مدعوم من الولايات المتحدة الأميركية في سياق حربها على بلدان المنطقة لتنفيذ مشروعها التقسيمي التفتيتي، حيث يصعّد العدو الصهيوني من اعتداءاته وتهديداته على لبنان مستفيداً من الأزمة السياسية المتفاقمة للنظام السياسي الطائفي المتمثلة بعجز أطراف السلطة عن تشكيل الحكومة ومن الأزمة الاقتصادية، بهدف فرض بنود صفقة القرن في توطين اللاجئين الفلسطينيين ووقف تمويل الأونروا - الذي كان آخر ضحاياها وفاة الطفل محمد وهبي ـ وإلحاق لبنان بمشروعه الشرق ـ أوسطي بالكامل وربط عودة النازحين إلى سوريا بالحل السياسي النهائي في الوقت الذي يعمل لعرقلته واستمرار حربه العدوانية عليها، وعلى العراق وفلسطين واليمن والأردن ومصر".

وتابع "لذلك، وانطلاقاً من هذه الرؤية السياسية للقضية الواحدة لشعوبنا العربية التي تعاني استغلالاً طبقياً وظلماً اجتماعيا واستبداداً في الداخل من جانب أنظمتها الرجعية والمستبدة، نضع الحراك الشعبي في لبنان للإنقاذ في مواجهة سياسات الإنهيار الاقتصادي، جنباً إلى جنب مع انتفاضة الشعوب في كلٍّ من السودان والأردن وتونس وما سبقها من انتفاضات لشعوبنا العربية ضدّ الظلم والفقر والبطالة ومن أجل تحرّرها الاجتماعي من الاستغلال الطبقي والرأسمالي، داعين إلى رفع الصوت عالياً انتصاراً لانتفاضة الشعب السوداني وتضامناً مع الحزب الشيوعي السوداني الذي يتعرّض اليوم العشرات من قادته للاعتقال من قبل نظام القمع والاستبداد والظلامية داعين لأوسع حملة شعبية لبنانية وعربية ودولية لإطلاق سراح الرفيق المناضل مسعود الحسن والرفيقة المناضلة عديلة الزئبق والمناضلة إحسان الفقيري وكلّ المعتقلين الذين يتعرّضون للتعذيب في سجون النظام السوداني القمعي. مكرّرين دعوتنا أيضاً لإطلاق سراح كلّ المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني وفي مقدمهم الرفيق المناضل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات ومروان البرغوثي ويحيى سكاف وسائر المعتقلين السياسيين العرب ومعتقلي الرأي في سجون الأنظمة العربية المستبدة، داعين الدولة اللبنانية لتحمّل مسؤولياتها أيضاً للعمل على تحرير الأسير جورج إبراهيم عبدالله المعتقل ظلماً وعدواناً في السجون الفرنسية".

ثم قال "ولأن المواجهة واحدة، فهي تتطلب مشروعاً واحداً: على كلّ الجبهات وفي كلّ المجالات وبمختلف السبل والأشكال، على صعيد كلّ بلد عربي، وعلى صعيد المنطقة العربية ككل. وهو ما أطلقنا عليه مقاومة عربية شاملة من أجل إقامة أنظمة وطنية ديمقراطية، مقاومة تتوحّد فيها الطاقات حول مركزية القضية الفلسطينية، لوضع حدٍّ نهائي للاحتلال الإسرائيلي، وتصفية الوجود العسكري الإمبريالي في المنطقة العربية. مقاومة تواجه المواقف الرجعية العربية وتعتمد كلَّ أشكال النضال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري والثقافي، حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني والعربي واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة وتحرير الأسرى والمعتقلين. مقاومة تشمل كلّ الجبهات العربية ومن شأنها أن تؤسس لمشروع فلسطيني وعربي وطني وديمقراطي بعد أن أسقط العدو الصهيوني كلّ الاتفاقيات معه.
- مقاومة تعتمد على تحرير الثروات العربية ووضعها في خدمة برنامجها التنموي لمصلحة شعوبنا العربية الذي من مرتكزاته الأولى تأمين التكامل الاقتصادي - الاجتماعي بين البلدان العربية، وتعزيز القطاع العام وتطوير الخدمات الأساسية التي يقدّمها، وتقوية القطاع الصناعي وتوسيعه وتطويره، وإجراء إصلاح زراعي شامل وحقيقي.
- مقاومة لتأمين الحقوق الأساسية للعمال والفئات الشعبية والكادحين (حق العمل، السلّم المتحرك للأجور، الضمانات الاجتماعية والصحية، السكن، التعليم).
- مقاومة تؤكد على دور الشباب في عملية الإنتاج والتغيير الديمقراطي، وحقهم في المشاركة في صنع القرار، وإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتركيز على صوغ قوانين مدنية للأحوال الشخصية.
- مقاومة تؤكد على ضرورة النضال من أجل استنهاض حركة تحرّر وطني عربية على أسس جديدة، بقيادة وطنية ديمقراطية ثورية".
كما أكد غريب على "إن العمل لبناء هذه المقاومة هو مشروع نضالي نقيض في طبيعته لمشروع الشرق الأوسط الجديد الهادف إلى تقسيم المنطقة العربية إلى دويلات طائفية ومذهبية وإثنية. هو مشروع يكتسب راهنيته من انتفاضات شعوبنا العربية التي شكّلت رسالة واضحة إلى كلّ القوى والأحزاب اليسارية والتقدّمية في منطقتنا، بضرورة توحيد جهودها وطاقاتها لإسقاط صفقة القرن. وهو مشروع يصبُّ في عملية إنضاج الظروف المؤاتية لتعزيز دور قوى اليسار العربيّ كمشروع بديل جذري يشكل خياراً إنقاذياً مستقلاً قبل كلِّ شيء، فيفرض هو على الآخرين أن يختاروا بين مشروعه وسائر المشاريع الأخرى، بدل أن يفرض عليه دوماً الإختيار بين هذا أو ذاك من المشاريع. يسار منفتح على كلِّ أشكال التعاون والتنسيق مع كلِّ القوى المقاومة الأخرى، يسار ذو هوية واضحة متمسّك بقيَمه في تصدّيه للإمبريالية والصهيونية، وفي نضاله من أجل فكِّ التبعية الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وفيٌّ للديموقراطية، وللنضال لقيام دول عربية علمانية مقاومة ليس من أجل قيام دول على أساس ديني وطائفي وأثني تبرر للكيان الصهيوني قيام "دولته" العنصرية على أساس ديني. يسار يكون في طليعة النضال ضد الاستغلال، ومن أجل مصالح الجماهير العربية الكادحة المناضلة لتحسين شروط حياتها المعيشية وفي خوض معركتها من أجل التغيير الديمقراطي ضدّ أنظمة القمع والاستبداد والاستغلال. يسار قادر على أن يثبت لهذه الجماهير أن مقاومته ضدّ العدو تتجاوز تحرير الأرض إلى تحرير الإنسان من الاستغلال الطبقي والاجتماعي".
وتابع "لقد أصبحت "ساحات" بلداننا العربية مفتوحة بعضها على بعض إلى درجة تبرّر التساؤل المشروع حول مدى إمكانية تحقيق التغيير السياسي في بلد واحد. والتناقض الأساسي المتحكّم بالصراع في المنطقة هو ذلك الذي تتواجه على ضفّتيه شعوبنا العربية ضدّ قوى العدوان الإمبريالي الصهيوني الرجعي. فهذا التحالف بقيادة الولايات المتحدة هو من خطّط تاريخياً ورعى ونفّذ - ولا يزال - آليات الاستتباع والسيطرة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجزئة والتفكيك في هذا الجزء من العالم. فأولوية المقاومة المسلّحة ضد العدوان والاحتلال الأجنبي يجب أن تترافق أيضاً مع أولوية مواجهة نظم التبعية والقمع والاستبداد السياسي والاجتماعي، التي شكّلت تاريخياً المرتكز الداخلي الفعلي لهذا العدوان. ومن واجبنا كأحزاب شيوعية عربية وكيسار عربي استخدام كلّ أشكال النضال الملائمة والمطلوبة، كلٌّ في بلده بالدرجة الأولى وعلى المستوى القومي العام، من أجل تشكيل كتل شعبية وازنة وصولاً إلى إنتاج ميزان قوى داخلي وعربي، وهو ما ندعو إليه اليوم لتجديد حركة التحرّر الوطني العربية وتجسيدها في قيام حركة للمقاومة العربية الشاملة ضد التحالف الإمبريالي".


فؤاد
من جانبه، أكدّ نائب الأمين العام للجبهة الشعبية أبو أحمد فؤاد في كلمته على "العلاقة التاريخية مع الحزب الشيوعي اللبناني التي ظهرت في عدة مراحل، وأهمها مرحلة العدوان الصهيوني على لبنان، والعمل مع الحزب الشيوعي في جبهة المقاومة اللبنانية، وقد قدّمنا ما لدينا أثناء ذلك تحت شعار هذه الجبهة، هم شركاء الدّم والوطن والتحرير، وهم حتى اليوم شركاء في كلّ ما يفيد المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني ولتحرير فلسطين".
كما شدّد على "أنّ هذه المرحلة خطيرة ولم يمرّ علينا أخطر منها، ليس على الصعيد الفلسطيني، بل على صعيد الأمة العربية بأسرها، فالشرق الأوسط الجديد يستهدف كلَّ الأمة، وصفقة القرن تستهدف كلَّ الوطن العربي".
ورأى إنّ "من يحاول أن يحجّم هذا الموضوع بأنّ المعني به هو الفلسطيني فقط أو منظمة التحرير أو المقاومة الفلسطينية وحدها، فهو مخطئ، وهذه المبادرات الأميركية الجديدة التي يقوم بها ترامب دليل على أنها تستهدف كلّ شيءٍ تقدميّ أو حضاري أو تحرّري في هذه الأمة وفي الوطن العربي. صحيح أن الهدف الرئيسي تصفية القضية الفلسطينية، لكن قبل هذا وبعده، يستكمل الأمر مع الوضع العربي".
وأضاف إنه "لغاية الآن صفقة القرن استكمل أكبر جزءٍ منها، وهناك وضع عربي رسمي بشكل ما مؤيد لصفقة القرن، بدءاً بموضوع القدس وانتهاءٍ بالاستيطان وما بينهما، ومن يقود هذا الأمر على الصعيد المحلي بأوامر أميركية هو النظام السعودي".
وأكد فؤاد أنّه "أمام هذه الهجمة، لا يمكن أن يتصدّى لها الشعب الفلسطيني وحده أو المقاومة الفلسطينية وحدها، ومن خلال هذه المبادرة يمكننا أن نجنّد كلّ الطاقات والإمكانيات لمواجهة التآمر الإمبريالي الصهيوني، حتى نتجّه لتشكيل جبهة مقاومة عربية شاملة".
وقال "إننا نريد جهود شعبية تساند المواقف الفلسطينية التي لا يمكن أن تسمح بأن تمرّ تصفية القضية أو صفقة القرن؛ ولكن مع الأسف الشديد أن كل ما جرى، بدءاً من القدس مروراً إلى المسائل الأخرى، لم نرَ حراكًا شعبيًا يساند الشعب الفلسطيني في العواصم العربية".

 

الإعلان السياسي
واختتم اللقاء بتوقيع الإعلان السياسي المشترك بين "الشيوعي" و"الشعبية" وفيما يلي نصه الكامل:
إن التطورات التي تتوالى في المنطقة والعالم، تؤشّر إلى أحداث وتبدّلات عميقة على الصعد كافة، تحت ضغط التداعيات المستمرة لأزمة النظام الرأسمالي العالمي، وانتقال العالم من نظام القطب الواحد إلى نظام متعدّد الأقطاب. لقد سعت الولايات المتحدة الأميركية إلى إدارة هذه الأزمة على النحو الذي يؤبّد قيادتها للنظام العالمي الراهن، من خلال التراجع المتدرّج عن عدد من الاتفاقات الدولية الأساسية، وتوسيع نطاق العقوبات الاقتصادية، والتدخلات والتهديدات العسكرية والحروب العدوانية.
إن هذا النهج الذي يهدّد الاستقرار والسلم العالميين، ويشجّع على إطلاق مشاريع التفتيت والتقسيم بشكل مباشر أو عبر الوكلاء، يضع منطقتنا العربية في قلب الصراع، وفي مرحلة انتقالية، بنتيجة تلك المشاريع الإمبريالية من جهة، وأزماتها الداخلية الحادة من جهة أخرى.
إن استمرار مفاعيل المشروع الإمبريالي الأميركي والملتحقين به من كيان صهيوني وأنظمة رجعية عربية - والذي يستهدف المنطقة ككلٍّ بمزيد من الاحتلال لدولها وتقسيمها إلى كيانات طائفية ومذهبية وأثنية، ونهب ثرواتها، وإفقار شعوبها، وإقامة القواعد العسكرية فوق أراضيها، والتصفية الكاملة للقضية الفلسطينية وإنهائها - أدى إلى تقسيم السودان والصومال، وسيؤدّي إلى تفاقم الأوضاع، وازدياد المخاطر التي تهدّد سوريا ولبنان والعراق وفلسطين واليمن والأردن ومصر... واقعٌ تتقاطع حوله ومن أجله، مسارات أكثرية الملفات، المشتعلة والباردة والمؤجلة، والذي يتبدّى اليوم بالمواجهات الحاصلة على أكثر من جبهة ومنطقة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً سعياً لإسقاطه، لكنه بالمقابل، يمكن أن يفتح مساراً لتسويات في بعضها، على قاعدة تأمين مصالح بعض أطرافه، أو أقلّه تفاهمات محدودة حول قضايا معيّنة أو مناطق محدّدة، تفرضها موازين القوى الحالية.
فإذا كان الطابع السياسي والعسكري يطغى على معظم أو على كل هذه الملفّات، فإن تفاقم أبعادها الاقتصادية والاجتماعية يكاد لا يقلّ تفجّراً، مع التأكيد، على أن هذا التفاقم، هو في الأساس، نتاجٌ لسياسات الهيمنة الإمبريالية ولسياسات الأنظمة العربية التابعة لها. كما أنه نتاج ـ في جانبه الذاتي ـ لأزمة حركة التحرّر الوطني العربية، التي لم تستطع قياداتها التي وصلت إلى السلطة، في بعض البلدان، من تحقيق مهام التحرّر الوطني والاجتماعي.
إن الربط بين النضال الوطني التحرّري والتغيير الاجتماعي والسياسي في بلداننا، هو جزء لا يتجزأ من النضال القومي التحرّري العربي لإسقاط المشروع الإمبريالي- الصهيوني بصيغه المختلفة، ولا سيما "مشروع الشرق الأوسط الجديد". فالمعركة، في هذا المجال، واحدة مترابطة ولا تقبل التجزئة، خصوصاً أنّ المشروع الأساس يقوم على فرض وترسيخ التبعية، وتعطيل وسلب عناصر القوة الذاتية، من خلال التفتيت الطائفي والمذهبي والعرقي، ونهب الخيرات وقهر الشعوب، وشلّ الاقتصاد المنتج، لمصلحة أنماط اقتصادية ريعية ومشوّهة، تتحكّم بها العلاقات القائمة على الزبائنية والمحاباة بين أطراف السلطة ورأس المال الكبير، وهذا ما أفضى في محصلته العامة، إلى قيام نظم تابعة ومرتهنة سياسياً واقتصادياً؛ أنظمة تشكّل ــ من حيث دورها ووظيفتها - منصّات متقدّمة لهذا المشروع. وتبعاً لذلك، فقد أصبحت مهَمّة تغيير هذه الأنظمة ضرورة تفرضها مصلحة شعوبنا وبلداننا، كما تفرضها متطلبات مواجهة ذلك المشروع.