الخميس، آذار/مارس 28، 2024

" حفل إطلاق كتاب ،" فرج الله الحلو ... شهيداً

  ادارة الموقع
أخبار الحزب
كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب في ندوة فرج الله الحلو في ذكرى استشهاده  مركز الحزب في  28 – 6 - 2022

 لا يمكن  ببضع دقائق أن نَفي قائداً ومفكراً شيوعياً بحجم الأمين العام للحزب الشهيد فرج الله الحلو. فمنذ طفولته عاش قساوة الظروف السياسية والاقتصادية  والاجتماعية السائدة بفعل الحرب العالمية الأولى  والسيطرة العثمانية على شعبه ووطنه.  في عمر مبكر، ومع اغناء معارفه بقراءة افكار رواد النهضة، ومنهم جبران خليل جبران، تأسست بدايات وعيه  السياسي التي شكلت  حالة لديه للرفض والتمرد على الواقع القائم .

 وسرعان ما تطوّر هذا الوعي باتجاه ثوري مع اندلاع الثورة السورية عام 1925، بما تركته من انعكاسات ومن حالة شعبية لبنانية رافضة للانتداب الفرنسي في لبنان.  ومع تلازم النضال ضد سيطرة الاستعمار الفرنسي والنضال ضد الظلم الاجتماعي دفاعا عن حقوق العمال والفلاحين والكادحين، اعتنق فرج الله الحلو الفكر الماركسي تتويجا لنضج فكري ثوري، يجري الاسترشاد به ، ليس لفهم ما يجري من أحداث في العالم فحسب، بل لتغييره.

ضمن هذا الرؤية جاء انتساب فرج الله الى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1931 ، معتبراً ان هذا الحزب هو الاداة الاساسية الثابتة  للتحرر الوطني والاجتماعي ، ضد الانتداب الفرنسي من جهة، وضد سلطة الاقطاع والبرجوازية من جهة ثانية.

 .فكان الحزب بالنسبة اليه  المدافع عن الاستقلال الحقيقي وعن حقوق العمال والفلاحين والكادحين ومطامح شعبنا اللبناني في التغيير الثوري  ومن اجل بناء مجتمع تتوفر فيه شروط العدالة الاجتماعية وسعادة الانسان . مجتمع الاشتراكية .

وضمن رؤيته هذه لأهمية وجود الحزب الشيوعي ودوره مع القوى الوطنية والشعبية الاخرى، جاءت مقولته الشهيرة " سيكون هذا الساحل اللبناني منبت حركة وطنية اسلم محتوى وأشد قوة ، تحتل مركز الطليعة على صعيد الشعوب العربية ".

هكذا رسم باكرا فرج الله معالم المستقبل،  لتأتي بعدها التطورات والأحداث ترجمة لها في المؤتمر الثاني للحزب عام 1968 ، هذا المؤتمر الذي انتصر لفكره ولخطه السياسي ولموقفه الرافض من تقسيم فلسطين، كما شكل ادانة صارخة لقتلته المجرمين  ومدينا ادانة شديدة لمن فرض عليه ظلما " رسالة سالم " فأعاد الاعتبار له قائدا شيوعيا لحزب اراده ان يكون حرا يتمتع بكل صفات الاستقلالية في صنع قراراته.

على هذا النهج جاءت معالم المستقبل تتظهر في تأسيس الحرس الشعبي وقوات الانصار والوقوف ضد الأحلاف العسكرية التي تطل برأسها اليوم من قبل انظمة التطبيع، الى تصعيد التحركات النقابية ومعارك  الدفاع عن عروبة لبنان وتطوره الديمقراطي وفي تشكيل الحركة الوطنية اللبنانية، وفي اطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في ايلول 1982، وبدور اساسي للحزب وامينه العام الشهيد جورج حاوي ، والتي شكلت مثالاً طليعيا ، ورداً فاعلاً على الاحتلال والمشروع الاميركي - الصهيوني – الرجعي العربي.

 وتستمر المواجهات مفتوحة حتى يومنا هذا في  الانتخابات البلدية والنقابية والنيابية وفي  الشارع، وصولا الى انتفاضة شعبنا في 17 تشرين التي مثلت رداً شعبياً لم يشهد لبنان مثيلا له في تاريخه لاسقاط النظام السياسي الطائفي القاتل وضد سياسة التحالف السلطوي – المالي المسؤول عن هذا الانهيار الشامل الذي يهدد لبنان بمصيره وكيانه ووجوده.

لقد كان لفرج الله الحلو دورا  بارزا في قيادة الحزب والنضال من اجل الاستقلال .وخصوصاً في المعركة المحتدمة في تشرين 1943 . فقد قام فرج الله بدور بارز في تلاقي الشخصيات الوطنية في عقد المؤتمر الوطني ، وتصليب مواقفه . وعمل كأمين سر مكتب التعبئة الشعبية في هذا المؤتمر ، لانخراط عشرات آلوف اللبنانيين الذين ملؤوا الشوارع والساحات في بيروت وغيرها، بتجاوب ودور كبيرين للحزب وجمهوره . وكان من المشاركين في المؤتمر مصطفى العريس القائد الشيوعي والنقابي ، وارتين مادايان وجورج حنا وانطون ثابت . فبرز فرج الله قائداً وطنياً مميزاً الى جانب قيادته للحزب .

لقد كان فرج الله بما قام به مع حزبه ، من رجالات الاستقلال الحقيقيين . لكن السلطة السياسية ، أزعجها تنامي دور الحزب شعبياً وسياسياً ونقابياً ، بعد معركتي الاستقلال والجلاء ودور الحزب البارز فيهما وفي الحركة العمالية والنقابية، لذلك استثنت فرج الله الحلو من قائمة رجال الاستقلال.

ان فرج الله اللبناني الصميم في فكره ونضاله ، هو العربي الاصيل في الوقت نفسه، فلبنان الراسخ في عقله وقلبه، هو عربي الانتماء. فلا تناقض بين الوطنية اللبنانية وبين الانتماء والهوية العربية . وتجلّت قناعته هذه بسياسة الحزب الذي قاده، وبموقفه الصائب من قضية فلسطين، وانطلاقه من انها ارض ووطن لشعبها وليس لصهاينة احتلوا قسماً منها بقوة المجازر ، وبدعم مباشر من المستعمرين وبخاصة الانكليز .

 

 

كلمة د. ندى الحلو في ذكرى الشهيد الشيوعي

الرفيقات والرفاق

من الوفاء والأمانة للشهداء والمناضلين الذين رحلوا تذكّرُهُم وتكريمُهم ولو لساعة في السنة، غير ان الاجدى تمثُل القيم التي حملها هؤلاء في حياتنا اليومية ولمِن سعادتي أن يستمر إحياء ذكرى فرج حدثاً وطنياً حزبياً لا ذكرى ضيقة تحييها عائلته الصغيرة.

ان نحيي ذكرى فرج الله الانسان القائد المناضل المنحاز للبنان الوطن الحر السيد المستقل الديمقراطي العلماني العربي. فرج المنحاز ضد اي استغلال، المنحاز لوطن منارة للشرق العربي المنحاز لوحدة الحزب الى حدود الكلفة التي دفعها من ذاته.

أنا الأبنة الصغرى لفرج. لم أعرفْهُ الا بالكتب، وما كتب وما كُتب عنه. كنت أتمنى لو كان الحديث عن فرج يدور حول مواقفَ فرج ونستلهم منها ما بقي قيماً حية لا فرج الشهيد الذي نستذكره سنوياً مع أبشع صور التعذيب. لا شك أن صمود فرج مدرسة للمناضلين، ولكن ما اراه الأهم هو الاقتداء بفرج المدرسة الفكرية الديمقراطية الانسانية. أليس هو من قال أن غايةً الشيوعيين ليست مجدَ الحزب، بل الوطن الحر والشعب السعيد.

أليس فرج هو أول مرشح للانتخابات النيابية لم تعلق له صورة واحدة، بل امتلأت الشوارع بأوراق من صفحة واحدة كُتب عليها البرنامج الانتخابي لمرشح الحزب الشيوعي. لم يؤلف فرج المجلدات السميكة، بل خاطب الناس بلغتهم وبهموهم. اليس هو من خاض الانتخابات عام 1947 عن دائرة جبل لبنان التي زورتها السلطة آنذاك ولم يحصل في قلم قريته على صوت واحد حيث ينتخب اخوته ومئات من رفاقه ورغم ذلك حصل على 12000 الف صوتاً حين كانت النساء لا يصوتن وحصل أقوى منافسيه من قوى ذلك الزمن الاقطاعي على 16000 صوتاً.

قد يؤخذ على كلامي صلة قربي من فرج فهو ابي وافتخر بذلك وهو يوصلتي في الانحياز الانساني الديمقراطي ولا اريد أن يُفهم من كلامي ان انحيازي نابع فقط من هذه الصلة. ولكن ما يغيظ جيلي الذي لم يعرف عن فرج الا اسطورة الصلابة في استخدام رمزية مواجهة الجلاد هو عدم الاتساق ما بين قيم فرج والممارسة اليومية، عنيت التفتيت المتمادي لجسم حزب بني بصلابة وبمهنية عالية لمناضليه.

وكلنا يتطلع الى الحزب ويفرح عند كل منعطف وتعود لنا امال انتظرناها وإذا كان ثمة دروسٍ من فرج نأخذها، هو بعدُه عن الجمود العقائدي وعن عبادة الفرد.

.... وهو القائل أن الحزب الشيوعي لا يرتجل سياسته ارتجالاً ولا يبنيها على الحدس والتخمين والخيال، ولا على مغامرات في المجهول. إن الحزبَ الشيوعي أبعدُ ما يكون عن هذا كله، فهو يضع سياسته و خطتَه بعد درس وتدقيق للأوضاع والأحوال الداخلية والخارجية، وذلك على ضوء نظريته العلمية.

وألم يعبِّر عن اشتقلاليه، قلّ نظيرها في ايامه حين كتب: لا يهمل الشيوعيون الاستفادة من تجارب الحركات الوطنية التحررية في العالم، ولكنهم عندما يضعون سياستهم لا يقلدون بلدا على الاطلاق لا في الشرق ولا في الغرب. إننا نعمل لتطبيق نظريتنا العلمية على أحوال بلادنا، لا لتطبيق أحوال البلاد على النظرية.

وفي السياق نفسِه يقول في زمن عبادة الفرد: "ان المشاركة الديمقراطية هي العمود الفقري لكل حركة ثورية فقيادةُ الفرد مهما تمتع بقدرات ومهما بلغ شأنُه تبقى مشوبة بعناصر تجعل من ادارته الفردية اختصاراً مفتعلاً لإرادات جمهور واسع من اصحاب المصلحة لجموع الشعب والاخص كادحيه".

وهو من كان من بينِ الأكثر حريّة وتشجيعاً على ريادة دور الحزب وكشف الأخطاء بقوله: ليس غيرَ الاحزاب الضعيفة التي لا ثقة لها بنفسها ولا بالشعب تخاف الاعتراف بأخطائها.

وهو من رأى الحرية من بديهيات توحد اللبنانيين وزهو القائل بمبدئية تامة جامعاً كل أطياف الشعب اللبناني: أن قضيةَ الحرية ليست قضيةُ السيادة والاستقلال والتقدم في الحاضر والمستقبل.

أما فرج العربي فنظر الى دور لبنان في محيطه العربي بقوله الشهير : "نريد ان يكون هذا الساحل العربي منبت حركة وطنية جديدة أكثر وعياً وأسلمَ محتوى تحتل مكاناً في الطليعة بين الحركات الوطنية في الاقطار العربية الشقيقة".

أما فرج الانسان القائد الذي وفي ذروة الاتهامات ضد حزبه بالفكر المستورد واللاديني يقول: " ان الشيوعي يجب ان ينتبه ايضاً الى سلوكه الشخصي ولا ينسى ابداً اننا من اشد انصار الفضائل والأخلاق وندافع عنها ضد المفاسد... ففي الشيوعي يجب أن تتوفر الصفات الانسانية، وان يرى الشعبُ فيه صورةً صادقة لحزبه، وذلك يعني مثال النزاهة والصق في كل علاقة مع عائلته وأهله وأصدقائه ومحيطه".

ان الأمانة لفكر فرج هي بالاقتداء بفكره السياسي، فصحيح أن مقتله حمل الكثير من معاني الصمود بوجه الجلاد الى أن أضحى رواية تتناقلها الأجيال وأصبح من عرفه ومن لا يعرفه يروي قصة بطولة استثنائية، كل ذلك هام أم الاهم هو الالتزام بجوانب فكر فرج المنفتح والملتزم والحر المستقل في آن والإضاءة على كامل فكره الوطني الانساني الديمقراطي. وجعل الاجيال الصاعدة تعرف فكر فرج ليس فقط حكاية بطولة استثنائية دفاعاً عن شعبه وحزبه.

أخيراً أعيد التأكيد ان الغاية ليست الحزب، بل الوطن الحر والشعب السعيد

وشكرا لاستعماكم

 

 

كبير في حياته ودوره وكبير في استشهاده

موريس نهرا

في ذكرى الشهيد الخالد القائد فرج الله الحلو لا بد لي من البدء بتحية إجلال وإكبار في ذكرى هذا الكبير في حياته وفي استشهاده ...

لقد كان قائدا شيوعيا مميزا وانسانا كبيرا  أحّب لبنان وشعبه بعماله وفلاحيه وجميع الذين يحلمون بالخلاص من الاستغلال الطبقي والاجتماعي .. أحبه وطنا حرا مستقلا لجميع  أبنائه  وفي رؤيته لعمل ودور هذا الحزب ومنظماته ، كان مدرسة حقيقية للشيوعيين في الفكر والممارسة وفي صياغة خطه السياسي : فقد رأى أن بناء هذا الحزب وتنامي دوره هو  وثيق الارتباط في بناء لبنان الموحّد .. فأهداف هذا الحزب وبنيته البشرية العابرة للطوائف هي بمثابة جسر توحيدي للكيان والوطن والمجتمع ،خلافا لنظام طائفي زرعه الأجنبي ليبقى الانقسام والتباعد بين اللبنانيين ، وليبقى الكيان والدولة عرضة للإهتزاز والإنقسام والتصدع  مفتوحا على تدخلات ووصايات الخارج،  وذلك لأن حبّه للبنان وشعبه  لم يكن كلاميا..  كان   تركيز اهتمامه بالحزب وفكره الثوري ونضاله لبناء وطن حر وانسان وشعب  سعيد  وقد اعطى  الحزب كل ما لديه من طاقة فكرية ونضالية و توجيه منظماته للإلتصاق بقضايا شعبنا ووطننا في ضوء خصوصيات مجتمعنا وبلدنا ولتعزيز دوره لبنانيا وعلى صعيد التحرير العربي  وقضية فلسطين ،  ليكون عمل الشيوعيين ونضالهم في كل منطقة متفاعلا مع الناس وقضاياهم الوطنية والاجتماعية والمحلية.

وفي تقريره في المؤتمر الأول عام 1943-1944 .. يقول فرج الله ان الحزب الشيوعي لا يرتجل سياسته، فهو يضع خطته بعد درس وتمحيص للأوضاع والاحوال  الداخلية والخارجية وفي ضوء نظريته العلمية ، وهو يستفيد من تجارب الحركات الوطنية التحررية ،" لكنه عندما يضع سياسته لا يقلدّ ابدا على الاطلاق -1

وهو يطبّق نظريته على أحوال البلاد،  ولا يحاول ان يطبّق احوال البلاد على النظرية" ( مجلة الطريق -  18 كانون الثاني 1944)

وهذا ما يستدعي منا ان نعرف بلادنا .. ان ندرس كل بقعة منها بجميع حاجياتها  ومميزاتها ، ثروتها وجمالها لنصل الى فهم تاريخنا العربي وثقافتنا العربية وأن ننقب عن آثاره الثقافية وثروته الفكرية .

لقد ركّز في بناء الحزب  على أن التنظيم الحزبي مبني على مبدأ المركزية الديمقراطية، التي تتيح حرية النقاش ووحدة العمل ، وعلى احترام العمل الهيئوي ، وضد الفردية وعبادة الفرد الغريبة عن التنظيم اللينيني، والضارة بالحزب وبالكادر الحزبي  وبالمركزية الديمقراطية معا  و قال أن وحدة الحزب الضرورية ترتبط  بعد نقاش الآراء  بقرار الاكثرية .

وقال ايضا أن وقوع الأغلاظ في الحزب أمر لا بد منه  شرط ان يصار الى درس هذه الاخطاء واسبابها وتبيان طريقة اصلاحها بشكل يؤدّي الى تثقيف الكادر الحزبي . لقد كان فرج الله  قائدا محبوبا في الحزب و محترما من عارفيه خارجه .. وهو في تعاطيه مع الآخر متواضعا ولطيفا  .. يصغي الى محدثه باهتمام . يحرص على اسلوب التحاور بروح رفاقية ، وعلى الوضوح والإقتناع  فكان الذي يلتقي  معه يشعر باحترامه وحكمته ورصانته ، وبأنه رفيق وصديق .

 لقد اعطى الحزب طابعه اللبناني في السياسة  والقضايا الوطنية والاجتماعية، وتجلى حبّ الجمهور الواسع له ، بما ناله في انتخابات جبل لبنان من أصوات  تعدّت 12 الف صوت،  رغم الشوائب في العملية الانتخابية  وعدم مشاركة المرأة  في الانتخاب ، وفي وجه لوائح مكتملة من الكتلة الدستورية والكتلة الوطنية . وقد حصل في بلدتنا أنطلياس مثلا على نسبة الاصوات التي حصل عليها إبن انطلياس  خليل ابو جودة مرشح الكتلة الدستورية ، كما برز الاحترام الكبير له بالتعاطف الواسع شعبيا والتجاوب مع حملاتنا في المطالبة في بالافراج الفوري عنه عند انتشار خبر اعتقاله  .. ومع تحلّيه برصانته وهدوئه المعروف، تميّز بصلابته في

 

الموقف النضالي وبقناعته الراسخة بقضايا شعبنا الوطنية والاجتماعية وبالفكر الماركسي والاشتراكية .. ومن أقواله :   أن الاشتراكية ليست  بنت لينين ولا ربيبة روسيا القيصرية ، بل هي بنت التاريخ البشري وربيبة الانسانية جمعاء.

ومن ابرز ميزات فرج الله أنه كان مدرسة أيضا في تكوين الشيوعي، فهو يركز:

 أولا :  على علاقة الشيوعي مع الناس وإيصال خط الحزب ومواقفه لهم ، والتداول في حاجاتهم الاجتماعية والمحلية . فنفوذ الحزب وحضوره السياسي مرتبط بفهم الناس لموقف الحزب ونضاله وبمدى تجاوبهم مع نشاطاته.

ثانيا : إغناء معرفة الشيوعي بوضع بيئته الاجتماعية ومنطقته، وثقافته السياسية والفكرية. فالثقافة والمعرفة هي سلاح الشيوعي  في العمل لنشر الوعي  الذي بدون تعميمه على جمهور المتضررين وانخراطهم في التحركات الشعبية  لا يمكن تحقيق مصالحهم  في التغيير والتحرر من التبعية للخارج  وللزعامات الطائفية في الداخل

ثالثا: تميزه بصفات الشيوعي اخلاقيا  وبقيم العطاء والصلابة في النضال  وبالمبادرة الخلّاقة في العمل المشترك في المجالات التي تهمّ الناس والشباب والعمال وغيرهم.

لم تكن حياة  فرج الله الحلو مدرسة لنضال الشيوعيين فحسب ، بل إنه مدرسة في استشهاده أيضا .. فرغم الاساليب الوحشية  في التعذيب ، بقي على صلابته وصموده البطولي،  وكأن الحزب تكثّف به ،  بفكره ووجدانه في تلك الساعات  الرهيبة.. فقضى كما عاش قائدا كبيرا.

 وسيبقى القائد الشهيد فرج الله الحلو بكل ما اعطاه وبصلابته وتفانيه مثالا راسخا في وجدان الحزب ةفي تاريخ الحركة التحررية والثورية العربية  ومشعلا وهاجا  لا ينطفيء نوره يضيء الطريق لنضال الشيوعيين من اجل حرية الوطن والانسان . .

 

 

 

 

   والى جانب كونه لبناني صميم وعربي اصيل ، فهو اممي بامتياز، فالاممية الحقة في المفهوم الماركسي - اللينيني ، هي في الوطنية الحقة لبنانياً وعربياً ايضا. وقد كتب فرج الله الحلو بعد عودته من زيارة الى الاتحاد السوفياتي ، كتاباً عام 1934 ، بعنوان انسانية جديدة تبني عالماً جديداً .ان استشهاد القائد الكبير فرج الله تحت التعذيب ، في اقبية مباحث عبد الحميد السراج في دمشق في 26 حزيران 1959 ينطوي على دلالات كبيرة . اولها انها الى كونها جريمة كبرى ، تظهر مدى  شجاعة هذا القائد واهتمامه من موقعه الحزبي والوطني بشأن المسيرة التحررية العربية، رغم الخطر الجدي على حياته. ثانيها : صلابة هذا القائد الشيوعي والعربي وتضحيته بنفسه ، دون تمكن جلاديه من النيل الا من جسده.

اما فرج الله القائد والمفكر الشيوعي ، بقي شامخاً عظيماً مثل الكبار الكبار العالميين . هو شهيد الحركة الشيوعية ، شهيد الديمقراطية التي تفتقدها الانظمة العربية . ثالثها : انه شهيد الدفاع عن الوحدة العربية بمضمونها المتحرر من انظمة الاستبداد والقمع والاستغلال والتبعية. هكذا رأى ضرورة اقامتها وعلى اسس تأخذ الخصوصيات الاقتصادية بين اطرافها بالاعتبار ، لتصبح تكاملاً وتعاوناً ،ح وقابلة للحياة وقد أثبتت تجربة هذه " الوحدات العربية " وفشلها انه كان على حق .

لو سألنا الرفيق فرج الله اليوم  سؤال لينين :  ما العمل ؟ لأجابنا  على الفور هو حزبكم قد قال لكم ما قاله في مؤتمره الثاني عشر :

"لم يعد يجدي نفعا التوجّه نحو السلطة المتنفّذة أو الاكتفاء بالمطالبة فقط أو باستجداء اصلاحات فوقية وترقيعية بسيطة ومبعثرة. ففي زمن الانهيار، فالأمر يتطلب أكثر من أيّ وقت مضى أولوية طرح مسألة السلطة، أي بناء التحالف السياسي والاجتماعي واللجان الشعبية، وصولا إلى إطلاق انتفاضة وطنية ديمقراطية بقيادة أوسع ائتلافٍ سياسي لقوى التغيير، يقدّم نفسه بديلا عن منظومة الفساد ويتولّى إدارة المرحلة الانتقالية من النظام الطائفي والدولة الطائفية إلى رحاب الدولة الديمقراطية العلمانية ....فالى تصعيد المواجهة في كل القضايا الوطنية والاقتصادية والاجتماعية  وعبر كل  المبادرات وبالتفاعل مع الاحتجاجات والمطالب الشعبية والقطاعية.

ان هذا القائد الشهيد، هو شهيد حزبه .. وشهيد الحركة التحررية والثورية العربية والعالمية وسيبقى رمزاً خالداً في وجدان شعبه ورفاقه وكل أحرار العالم.

تحية ليوم الشهيد الشيوعي تحية لفرج الله الحلو

وسلام لذكراه العطرة .