الأربعاء، نيسان/أبريل 24، 2024

أول أيار عيد العمال العالمي: الحركة النقابية في مواجهة إملاءات "سيدر"

رأي
إن ذكرى الأول من أيار، هذه الذكرى العظيمة لكافة عمّال العالم ومنها الطبقة العاملة اللبنانية وحركتها النقابية، مناسبةٌ لاستنهاض وتحفيز للحركة النقابية العالمية، واللبنانية خاصة التي تعاني من الشرذمة والتفكّك والتراجع منذ ما يقارب الربع قرن، نتيجة السياسات الممنهجة للسلطات المتعاقبة على الحكم بهدف ضرب وحدة الحركة النقابية المتمثّلة في الاتحاد العمالي العام، وتهميشها وتعطيل دورها في مواجهة السلطة المتآمرة على حقوق العمال ومكاسبهم التي حقّقتها طيلة السنوات السابقة.

يتمثّل هذا التعطيل أوّلاً بتخفيض قيمة التعويضات العائلية التي كانت مرتبطة بخمسة وسبعين في المئة من الحد الأدنى للأجور، وتثبيتها على 225 ألف ليرة لبنانية لعائلة تتألف من زوجة وخمسة أولاد. وكذلك بحرمان العامل المضمون الذي يسحب تعويضه في سن 60 أو 64 وما زال مستمراً في العمل بحرمانه حق التعويض، وتجميد الأجور والرواتب منذ أكثر من عشر سنوات، بالرغم من ارتفاع نسبة التضخم، وارتفاع كلفة المعيشة، والانخفاض الفعلي للرواتب والأجور وانخفاض القدرة الشرائية. بالإضافة إلى تعطيل دورها في مواجهة السلطة التي تحتال على القوانين باعتماد بدعة العمل المياوم أو العمل المؤقت أو تلزيم العمال لفريق ثالث حيث يقوم بدوره في سرقة حقوق العمال والموظفين وحرمانهم من أبسط حقوقهم الذي كفلها قانونا العمل والضمان الإجتماعي.
ثانياً، يتمثّل التعطيل بالتهديدات المبطّنة التي تعلنها السلطة الحالية تحت شعار مكافحة الفساد والهدر وتخفيض العجز في ميزان المدفوعات. هذه السلطة لم تجده إلا في بعض المكاسب التي حققتها هيئة التنسيق النقابية بقيادة النقابي حنا غريب، التي مهّدت له بتوحيد جميع أقطاب السلطة الفاسدة، لاستبعاد القيادات المناضلة والشريفة، والهيمنة على قيادة هيئة التنسيق النقابية الجديدة تماماً كما فعلت في قيادة الاتحاد العمالي العام، وتفريغهما من الدور القيادي والنضالي!! واستعداداً للقرارات الموجعة التي تطرحها حكومة الفساد، حيث تجرّأ وزير "الإصلاح" بالإفصاح عن نواياه السيّئة بتخفيض رواتب الموظفين، لتخفيض العجز المطلوب من أسياده لتطبيق إملاءات صندوق النقد الدولي ومؤتمر "سيدر".
ويأتي قرار وزير الاتصالات محمد شقير بإلغاء الساعة المجانية من التخابر. وإضعاف القطاع العام وتلزيمه أو تحويله الى القطاع الخاص خدمة لحيتان المال في المصارف والسلطة.
في ذكرى أول أيار – ما العمل؟
سؤال يطرح على قيادات الحركة النقابية اللبنانية، كل القيادات النقابية، وخاصة على القيادات التقدمية والشريفة. أين أنتم؟ هل أنتم في وعيكم الكامل؟ هل أنتم مدركون لما يجري في الخفاء من حولكم؟ وما تخطط له هذه السلطة الغارقة في مستنقع الفساد؟ وهل ستستمر القيادة الجديدة للإتحاد العمالي العام في الانزلاق المائع والتخاذل؟
إن الشعب اللبناني بغالبيته ونحن منه، يحاول أن يصدق محاولة السلطة بالإصلاح ومكافحة الفساد وهدر المال العام، ولكن: إن أي إدعاء في محاربة الفساد والتلوث البيئي والسياسي وهدر المال العام وسرقته في ظل التمسّك بالنظام السياسي الطائفي والاقتصادي الحالي محكومٌ بالفشل، لأن الفاسدين من أي طائفة أو مذهب يحتمون بمرجعياتهم الطائفية المستعدة دائماً لحمايتهم بوضعهم الخطوط الحمر! وإن المدخل الوحيد للقضاء على الفساد في البلد يتمثّل بإلغاء الطائفية وإقرار قانون انتخاب نسبي حقيقي خارج القيد الطائفي ولبنان دائرة انتخابية واحدة.
الشعب اللبناني يتعجب عند سماعه أن معظم النواب والوزراء، يتزعمون حملة مكافحة الفساد، في حين أنهم أبطال وأرباب هذا الفساد!! بل والأغرب بعضهم يترأس اللجان المكلفة بمكافحة الفساد والمفسدين!
إلى هؤلاء نقول: ماذا فعلتم بــ 11 مليار دولار المهدورة؟ وماذا ستفعلون باختفاء 31 مليار دولار مجدداً؟ وكيف يمكن أن نصدق مكافحتكم للفساد؟ أما القضاء،فها هو يقضي بإخلاء سبيل المتهم بأخطرعملية تزوير للشهادات الجامعية لإنجاحهم في رتبة ضباط في المؤسسة العسكرية، التي نتمناها أن تكون محصّنة ضد وباء الفساد الذي يلف معظم مؤسسات النظام الطائفي.
كيف يمكن أن نصدق بعضهم ممن يدّعي الآدميّة في تيار المستقبل وهو يمنع موظفاً من المثول أمام القضاء؟ وقد سمعنا أيضاً أن هذا الوزير الآدمي قرّر تخفيض قيمة المبالغ المتوجبة على مؤسسات غبريال المر وأولاده نتيجة استعمالهم لأجهزة الدولة في التخابر الدولي التي طالب بها معالي وزير المواصلات الأسبق بطرس حرب والبالغ قيمتها 60 مليون دولار أميركي، وهكذا قرر الوزير الخلف الآدمي تخفيضها إلى ثلاثة ملايين ومائتي ألف دولار أميركي. هكذا قرر معاليه تخفيض العجز في واردات الخزينة، حيث شجع القضاء النزيه أيضاً على إسقاطها الى الصفر؟!!!
ناهيكم أن أبطال حملة الإصلاح وتخفيض الهدر العام، لم يشيروا ولو لمرة واحدة إلى الجهة المتعديّة على الأملاك العامة، البحرية والنهرية والبرية، وهؤلاء المعتدون بغالبيتهم العظمى هم أنفسهم من السلطة أو أزلامهم أو محاسبيهم أو محميون منهم!! ليست هذه إلّا بعض العينات من الإصلاح المنشود بنظر النظام الفاسد. إلى هؤلاء الحكام الفاسدين، أقطاب سلطة الفساد الطائفي والهدر والتلوث والأمراض، نقول كفاكم كذباً على الشعب. كفاكم إثارة للنعرات المذهبية والطائفية وتحويل الشعب إلى ضحايا تجاذبات مصالحكم.
في ذكرى الأول من أيار – المطلوب
المطلوب من الحركة النقابية التقدمية والمخلصة، الملتزمة الدفاع عن الشعب اللبناني بجميع فئاته وخاصة العمال والموظفين وذوي الدخل المحدود، خطورة السياسات التي تعتزم السلطة تنفيذها ضد مصالح الشعب لتأبيد حكمها الفاسد.
على هذه الحركة النقابية أن تضع برنامج عمل لحركة نقابية واعية ومدركة لخطورة المرحلة الراهنة، وأن تكون قادرة على تعبئة الطبقة العاملة والموظفين وذوي الدخل الممحدود وسائر فئات الشعب اللبناني، وتوحيد صفوفهم، بصرف النظر عن الخلافات القائمة، والمحقة أحياناً. والحركة النقابية لم تكن ولن تكون أبداً من اتجاهات سياسية وقناعات واحدة، بل إن وحدة الحركة النقابية بين اتجاهات مختلفة ومتباينة ولكنها تلتقي وتتحد في وحدة نقابية على أساس برنامج مطلبي واضح يلبي مصالح عمال هذه القطاعات التي تمثلها، والمنسجمة أيضاً مع مصالح الشعب اللبناني ومطالبه.