الخميس، نيسان/أبريل 25، 2024

الجامعة اللبنانية تلفظ أنفاسها: عصا الحكومة لتحطيم أساتذتها

  ادارة الموقع
لبنان
بلغ الانهيار ذروة غير مسبوقة في تاريخ الجامعة اللبنانية، التي تواجه بأساتذتها وطلابها مصيرًا مجهولًا، في بلدٍ تعاقبت فيه الحكومات والقوى السياسية على ضرب الجامعة وتحويلها من صرح وطني للتعليم العالي إلى مساحة للمحاصصة العلنية.   وفي حديث مع "المدن"، ترمي رئاسة الجامعة الكرة بملعب الحكومة، وتقرّ أن أصل المشكلة هو بالسلطة التنفيذية التي صادرت تاريخيًا صلاحيات مجلس الجامعة، وتتعاطى مع ملفاتها العالقة راهنًا بسلة واحدة، وتربط الإفراج عنها بملف تعيين عمداء كليات الجامعة، وهو موضع خلاف كبير بين أقطاب الحكومة السياسيين والطائفيين.  عناوين الأزمة  استغربت أوساط أكاديمية ورسمية في الجامعة، الهجوم العنيف بالعصي للقوى الأمنية على أساتذة ومدربين من كوادرها، كانوا يقطعون طريق بعبدا أثناء انعقاد جلسة الحكومة الأربعاء 30 آذار. هذا السلوك الأمني غير المسبوق بحق الأساتذة، والذي أسفر عن إصابة بعض المعتصمين، يدفع للسؤال: إلى أين يتجه أساتذة الجامعة اللبنانية بإضرابهم؟ وما خلفيات هذا الإضراب؟   حاليًا، تتقاطع مطالب أساتذة الجامعة اللبنانية على عناوين رئيسية، وهي: تعيين عمداء الكليات، وهو موضع خلاف طائفي وسياسي عالق بالحكومة، إقرار ملف الملاك للأساتذة المتفرغين، إقرار ملف التفرغ للأساتذة المتعاقدين، تثبيت المدربين ودفع رواتبهم شهريًا بدل كل 6 أشهر. وقد دعت روابط الأساتذة مرارًا لعدم ربط الحكومة هذه الملفات ببعضها البعض، والإفراج عن واحدٍ تلو الآخر، وهو ما لم تستجب له، رغم شلّ الجامعة كليًا، وحرمان نحو 87 ألف طالب، أي 40% من الطلاب الجامعيين بلبنان من التعليم منذ أشهر.   والمفارقة الراهنة، أن الجامعة اللبنانية لأول مرة، تشهد إضرابًا لأساتذتها بجميع فئاتهم، من متفرغين ومتعاقدين ومدربين وموظفين، تحت عناوين مطلبية وظيفية ومعيشية. فيما يرى كثيرون أن فئة معينة من هؤلاء الأساتذة، أسهمت تاريخيًا بما وصلت إليه الجامعة اليوم، نتيجة تطبيعها مع قوى السلطة والأحزاب السياسية والطائفية التي تنتمي إليها.  موقف رئاسة الجامعة  في حديث مع "المدن"، يتحدث الدكتور علي رمال، وهو المستشار الإعلامي لرئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران، عن معوقات الإفراج عن ملفات الجامعة وتسويتها، ويعتبر أن الحكومة مجتمعة هي المسؤولة عن ربط كل الملفات بسلة واحدة، وإقرانها بملف توزيع العمداء على الكليات، علمًا أنه قد يستغرق أشهرًا وربما سنوات قبل التوافق عليه بالمحاصصة الطائفية والسياسية.   وقال إن كوادر الجامعة تطالب بفصل ملف العمداء عن الملفات الأخرى المذكورة أعلاه، في ظل وجود عمداء يقومون بالتكليف بمهامهم. وينقل رمال موقف رئاسة الجامعة، التي تعتبر أن مجلسها منزوع الصلاحية، وأن الحكومة صادرت كل صلاحيتها الإدارية والمالية، لتكون الجامعة الوحيدة في العالم التي تعين الدولة أساتذتها وموظفيها.   وحول موضوع تفرغ الأساتذة المتعاقدين، يذكر رمال أن الجامعة منذ 2014 لم تضف أي أستاذ إلى ملاكها، في حين يخرج إلى التقاعد كل عام نحو 150 أستاذاً وأستاذة.  حتى أن "بعض الأساتذة ظلموا بملف التفرغ الأخير، وبينهم من ينتظر هذه الفرصة منذ 20 عامًا".   ويضم ملف التفرغ 1500 مرشح من أصل 3 آلاف أستاذ متعاقد، والمفارقة بتاريخ الجامعة أيضًا، وفق رمال، أن 80% من أستاذتها أصبحوا من المتعاقدين التي توازي قيمة ساعتهم أقل من 4 دولارات، بينما قيمة رواتب الأساتذة المتفرغين بمعدل 200 دولار.   ويشير رمال إلى أن عددًا كبيرًا من الأساتذة، بينهم المرشحون للتفرغ، هاجروا من لبنان. ويقول بإسم الجامعة: "لا يوجد أي ذريعة حتى تربط الحكومة كل الملفات ببعضها البعض، في حين يوجد ملفات إنسانية ملحة، كملف الموظفين المدربين، وهم نحو 1500 مدرب يتقاضون مليوني ليرة، ولا تدفع رواتبهم إلا كل 6 أشهر".  خطوات تصعيدية؟  إذن، ينتهي آذار فيما طلاب الجامعة اللبنانية لم ينهوا الفصل الأول من تعليمهم. ويبدو أن هذا العام سيسجل خسارة أكاديمية مدوية لهم، خصوصًا أن الحكومة لا تتعاطى مع ملفات الجامعة بصفة العجلة، وسيكون رهن التأجيل والتسويف في جلساتها، كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية في أيار المقبل.   وفي السياق، يقول عضو هيئة التنسيق النقابية ورابطة الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية، الأستاذ وليد الشعار لـ "المدن"، إن الأساتذة يعبرون عن امتعاضٍ كبير من أداء الحكومة بملف أساتذة الجامعة، وأن هجوم القوى الأمنية عليهم أثناء الاعتصام كان ترجمة فعلية لرسالة القمع لترهيبهم. وتصر روابط الأساتذة بالجامعة على تقديم اعتذار رسمي لهم من قبل رئاسة الجمهورية والأجهزة الأمنية .   ويشير الشعار إلى أن الأساتذة سيستمرون بالإلتزام التام بقرار الهيئة التنفيذية التوقيف القسري عن كافة الأعمال الأكاديمية، بما فيها تعليق الامتحانات ودعوة الحكومة لعدم ربط ملفات الجامعة ببعضها البعض.   ويشكو أساتذة الجامعة اللبنانية من تدهور أوضاعهم الاقتصادية، والتي حولتهم من فئة اجتماعية تملك هامشًا من الرفاهية إلى مواطنين يعانون من تغطية نفقات المحروقات، بعد أن تآكلت قيمة مداخيلهم.   ويؤكد وليد الشعار أن الأساتذة ماضون بتحركاتهم التصعيدية، على مستوى الاعتصامات والاضرابات، و"لن نتراجع عن مطالبنا التي لم تعد خيارًا يمكن التخلي عنه".  a l m o d o n o n l i n e