قم يا حسين العلم"... شكري بلعيد في رثاء المفكر الشهيد حسين مروة"

  شكري بلعيد
متفرقات
قم يا حسين العلم | (قصيدة كتبها المناضل التونسي الشهيد شكري بلعيد (1964 - 2013) عام 1987 في رثاء المفكّر الشهيد حسين مروة (1910 – 17/ فبراير1987).

سقطتْ في المدى طيرُك المتعـَـبَـة ْـ
لم تكن دمعتـَـاك لتروي الترابَ الحزينْ
إنما الحبر بين يديكْ
يطاول آلهة الكافرين بخير البلادْ
وبغداد نائمةٌ
تحكم الارضَ والأرصفـَة
كنتَ فارسـَها

كاشفَ السّـر.. ملحمة الدّم
مزّقتَ بكارةَ حاكمـِـها
وللفقراء السّراطْ
قم يا حسين العـَــلـَم
عربُ العربِ العاربــة
جمّعتْ حقدها وأباحت دمكْ
حينما سقط المـُلك/لا مـَلك
فالزّنوج أتوا في يدكْ
ملحمة الأرض والرفض والأملحة
أشاعوا المدى والتّرابْ
في ليالي العذابْ
على الفئة القاحلة
وامتطوا صهوة الرّفض
في فاصل الارض ضدّ اتّساع الخرابْ
قم يا حسين العـَـلمْ
بغداد نائمة على عرشها المستطابْ
وحمدان نادى على فقراء البلاد
أنِ اجتمعوا
هذي خمر الخليفة من تعب الموت بين يديكم
حـُلّوا مراكبكم
مدّو الايادي التي تعبت من جباه الخليفة و البرلمان
دمي صولجانْ
فاجمعوا دمكم واتبعوني
أنا التراب/ البلد / الارض والقادمونْ
أنا الفاصل ما بين حبّكمُ والجنونْ
وأنتم بداية حزن المساءْ
حين السّنون تخونْ
قم يا حسين العلــَـم
افتح نوافذ تاريخنا المغلقة
وأرفع اوراقك والقلمْ
سمِّ البلاد بأسمائها
وأحرث المستترْ
لطّــِخ لحيّ الظلام بآثامهم
وانتصـــِرْ
للرّعاع الذين بنوا مجدنا
وانقضوا
سيفهم للصراعْ
فسّــِخْ تفـَسّــُـخَ كل البلاطات والطبقات
التي اشترت بدمانا الجواري
ومالت على وجهنا الجمجمة
فأقمنا الصباح
على الجسد المقبرة
ونادى المنادي
ها انّ حمدان يأتي على فرس من غضبْ
يلمّ شتات العربْ
وذاكرة المتعبين على الأرصفة
يصرخ في امّة النفط والأقنعة
أنا القرمطيّ، وأنت حسين امتدادي
أنا القرمطيّ وكل البلاد بلادي
أنا القرمطي اشعــْت ُ النخيلْ
وخيل الصحاري
ونوّارةً بالجليلْ
وأرض السّوادْ
فدوّن بكرّاسك.. والقلمْ
يا حسين العلمْ
سقط المــُـلْك حين العبيد طووا لونهم
ومدّوا السلاحْ
فأجاب العدمْ
قم يا حسين المباحْ
بين القبائل والطبقات الهجينة والميّته
أنت كاشف عورتهم
وفاضح نزوتهم والدّليلْ
وقابر سيرة أعدائنا المظلمة
قم يا حسين العلمْ
إنّ اللّحيّ التي استوطنت تاريخ كل البلاطات
قد ارسلت تطلبكْ
جسدا او كفنْ
قم واحتمي بدمي
استظلّ بكفّي
ودمع الملايين
والزفرة العاشقة
قم
أنت جسر الرّؤى بين ملحمتين
من شبق
في الرحلة الخالدة
ونشيد الصباحْ
قم يا حسين المباحْ
لم تمت
حينما أوفدوا طلعة الغدر تسكن جثّتك السيدة
تسعا وسبعين حولا
وأنت تجوب البلاد التي خبأوها
بين القصورْ
وغانية للخليفة ترتشف نكهة العرق المتصبّب
نحو السّــُــفنْ
لم تمتْ / لا كفنْ
انت كاتب سيرتنا
من حجر صقل الوجه في رحلة الصيد
حتّى النشيد الاخير لهذا الزّمن
لم تمت
انت كاتب رحلتنا
مزّقت كل الطوائف
واللحية الخائنة
وانتشرْ في المدى
عــَـــرّ الخرافة
والرّؤيــة الآسنة
صلّي صلاتك يا ايّها القرمطيُّ
على امّة النفط والأقنعة
قم يا حسين العلم
نحن المتعبون رماد البلاد
سنستأذن الروحَ من روحها
ونودّع فيك الجسد
وليكن
للظلام ميقاته
للخليفة بيعاته والجواري الحسان
ولكنّ للضّدّ لون يؤول
سواعد ترفع ميراثها في يديك
وأخرى تغطّي الحقول
ويمضي إليك
في نشيد الشمول
وبيروت أم القرى والمدن
شيّعتك شهيدا
ومالت على دمعتيها قليلاً
تبكي حسين القتيلا
وتقسم بالدم
فقم يا حسين العلم
حاصر الرّدة الهائجة
انّ القبائل قد جمّعت جبّة النفط في لحية
وأتت لتقتّل فينا المدى
تقاتل علم الولادة
وتنسخ حرب الإبادة
حين الطريق افتضحْ
فانكشف العهر والجارية
لم يكن لإله الطوائف
أن يستطيع بقاءك
أو يستطيب لقاءك
يا رونديّ عصر البنوك
والبرلمان
بيروت تبكي شهيد العبيد
ورائحة القرمطي بدمعتك
ملح الزنوج ببسمتك
كوفة الرّفض
صوت عليّ للفقراء
أن اتّحدوا
أنتم حطام المعارك
وتراب الممالك
والحبّة المهملة
انهضوا
انّ معاويةَ جمّع الاهل والأقرباء وتجار المدينة
والفئة الباغية
فانهضوا
قرمطيّ الزمان اتى
جمرة وشبق
انهضوا يا أخيــّا
هذا حسين
يؤسس كومة من دم
شكّلتها دموعكم/الليالي الطوال/عبيد السباخ
وعمال ميناء بيروت
والمتعبون على طول هذا الوطن
وليكن
جبّة النفط تذوي
وتذبل
ثم تموت على
لحية من عفنْ
ايّها الحاضر الممتهن
كيف تستقبل امّ المدن ابنها
كيف تمضي الليالي بها
من سيمسح دمعتها
ويردّ على الدولة الطائفة
من سيحمي الولد
والدّم المتّقد
من جنون القبائل
وبيروت بينهما بينهم طفلة خائفة
يا حسين اجبْ
كيف متّ؟
وكيف تموت؟
يا شيخنا وأبانا أجب
انّ كلّ الجهات
تلعب اوراقها الزائفة
وتملؤها في علب ْ
من ارضنا النازفة
أجهزا الجنوبيّ
انتشر في المدى
وأعلن الفرعنة
أنتم لأيادي التراب
ضدّ صوت الغراب
سقطت أقنعه
عن وجوه الذّئاب
سقطت أقنعة
ليس في الأرض
وبيروت تختصر الأزمنة
تعلن الفرس الجموح وآية الكرسي والنفط المضارب
في محطات الصراع
غير ذاك العلم
راية لونها الدّم
يستشفّ المشاع
يغنّي الوداع
على جهة اجّرت لحية من قرون الموات
واستوت تعلن الهجرة البائدة
ليس في الأرض
وأم المدن / تُمتـَهـَن/من الرّدّة الطائفة
غيرنا
يا أبانا الذي حفر من دمانا
وأفرج أجملنا
من تضاريس أيامنا المتعبة
ففتحنا الشراع
على القرمطي
ومن مال حين الزّمان استوى
على الفقراء وقال المشاع
هي الارض امّ لنا
والسلاح
قاضي القضاة
ومالك أيامنا
والعلاقة حين احتدام الصراع
أيهذا الجنوبيّ
تسعا وسبعين حولاً
وأنت تجوب البلاد
تنادي العباد
بان لا يصلّوا
لغير سواعدهم حين تغدوا قلاعْ
وانتشرْ في المدى وأعلن الفرعنة
انتمى لأيادي التراب
ضدّ صوت الغراب
سقطت أقنعه
عن وجوه الذّئاب
سقطت أقنعه
لم تمت حينما جاء نعيك
كنا نعدّ النشيد
ونكتب آياتنا الرافضة
رغم انتصاب العسس
لحية ساقطه
تنهش من لحمنا والجياع
وتنادي يزيد
لتقتسم اللقمة الباقية
لم تمت
انما كان لابدّ من دمك
كي نعرّي على الجثّة الخاوية
ونصنع تاريخ هذا البلد
أيهذا الولد
شيخـَنا وأبانا الذي انضجته المحن
صولجان المدن
انت ميراثنا
واتّصال المدى والرّؤى
لم تكن ارضنا عاقرا
فزنجيّها يتجدّد
رونديّها يتمدّد
وقرمطها مهرجان خطانا
فقم يا حسين العلم
دمك ينتقم
من زناة التواريخ والمرحلة
فهيّا الى الفقراء
هنا الملحمة
والقرمطيّ على ثأرك أقسم
نموت ولا ننثني
عن محاربة الطبقة الخائنة
فلأعدائنا دينهم
لأعدائنا دينهم
ولنا الفقر والفرعنة