نهب الشعب: منسوب الجوع كمعيار وطني

  بوابة الهدف الإخبارية
فلسطين

كشفت فترة الاجتياح الوبائي عن التدهور الاقتصادي الاجتماعي الذي حل بفلسطين، ففي سنوات التراجع الوطني والسياسي، وعلى أرض تغطي أفقها السياسي؛ مقولات وخطابات وبرامج حول النمو والازدهار والبناء، أو حاجة شعبنا لتخفيف الضغط عنه؛ أدارت النخب الفلسطينية على اختلاف تخصصاتها واحدة من أقبح عمليات مركزة الثروة وإفقار المجتمع، ليصل عموم الفلسطينيين لمرحلة الحجر وعيش الإجراءات الوقائية من الفيروس، إما في فقر أو على حافته.

لم يختلف تعامل السلطات والنخب الفلسطينية فيما يتعلق بالمواجهة مع فيروس كورونا عن المعتاد؛ الكثير من الشعارات والخطب التوعوية، ألقيت على رأس هذا الشعب، تطالبه بالالتزام بالإجراءات الصحية والمنطق والعقلانية، لكن أحد لم يسأل: أين هذا المنطق في ثورة يزداد قادتها ثراء، ومشروع دولة ليس لها من ملامح الدولة إلا أقبحها؛ هراوة الأمن وشراكته مع رأس المال الحليف مع الاحتلال؟ أو السؤال الأبسط في هذا الكون: من أين سيأكل هؤلاء الذين لا يكادون يجدون قوت يومهم في أفضل أيام منظومة الاقتصاد الفلسطيني التعيس الذي شيدتموه كأداة لحلب هذا الشعب؟

لم يعد هناك على سطح المشهد الفلسطيني كثير ممن يعرفون الخجل؛ يواصلون الخطابة في كل المجالات فيما يستمر الجوع في حفر لحم فقراء هذا الشعب، ويتقدم خط الفقر في كل عام ليطال شرائح جديدة، هذه معادلة لم تنتج بفعل جشع تاجر أو طمع رأس المال، لكن بفعل الطريقة التي صمم فيها النظام الاقتصادي الفلسطيني والانحياز الذي مارسته النخب السياسية والثقافية وغيرها لمصلحة تحالف السلطة والثروة الشريك، بدوره مع الاحتلال.

هناك أسئلة كثيرة حول إمكانية أن تواصل تجويع الناس ومطالبتهم بالصمود في آن، أو اعتبار أن الثروة تتراكم في يد هذه الشريحة، فيما ينهش الجوع الأكثرية بفعل النصيب والحظ والبراعة والذكاء، كما لو أن هذه المنظومة تمارس شيء غير تغطية عملية تحقيق المنافع الشخصية لانتهازييها، فيما يتواصل تجميع الثروة بيد أثرى أثرياءها وأكثرهم قوةً ونفوذًا وارتباطًا بالاحتلال وبمشروع استعباد هذا الشعب.

حين لا تمارس السياسة، أي الموقع الحكومي أو الفصائلي، دورًا في تعديل وضع الاقتصاد وإعادة توزيع الثروة فهي شريكة فيه، هذا ليس اتهام، ولكن شرح لمعادلة بسيطة وموضوعية، وكل تلك الأطراف اليوم التي تمارس الصمت، أو تحتال على الناس بإدعاء البحث عن حلول؛ ما هي إلا أستار للقمع. الحل واضح، أعطونا أموالكم، أو بالأصح أعطونا المال الذي نهبتموه منا،

كل حزب سياسي فلسطيني لا يسعى لإعادة توزيع الثروة لمصلحة فقراء هذا الشعب، فإنه يمارس درجة ما من التغطية على برنامج النهب والافقار، وكذلك شريك لا ينفصم عن كل أدوات القمع والحصار الاحتلالي الهادفة لتقويض صمود هذا الشعب.