محامو المتظاهرين يتقدمون بـ 15 شكوى أمام النيابة العامة التمييزية

Published in لبنان

عقد المحامون المتطوعون للدفاع عن المتظاهرين مؤتمراً صحافياً صباح الخميس في السادس من شباط الجاري، في نقابة المحامين، تناولوا فيه "كيفية تعامل القضاء مع شكاوى ضحايا التعذيب خلال الانتفاضة، حضره عدد من المحامين والمتضامنين وأعضاء من السلك الدبلوماسي وممثلين عن جمعيات لحقوق الإنسان. 
Read more...

اعتصام أمام مصرف في صور

Published in لبنان

تجمع عدد كبير من المواطنين أمام فرع أحد المصارف في جل البحر، إحتجاجاً على عدم دفع الأموال لأحد المودعين الذي بدوره يخصص معاشات شهرية لهؤلاء الأشخاص. ونصبوا الخيم أمام المصرف للبقاء هناك حتى حل مشكلتهم.  
Read more...

عودوا إلى المستنقع!

Published in رأي

أكثر من خمسين يوماً مضت، والذين راهنوا على تعب الحراك الشعبي أنهكهم التعب. انتظروا فاكْتَووا بلهيب الانتظار، وكل دواء يصفونه لشفاء جروحهم من سيوف الثورة يستحيل داءً ويصير ملحاً يُرشّ على جروحهم. أفلست السلطة وفقدت شرعيتها منذ زمن طويل وانكشف إفلاسها وتعرّت تحت ضغط الشارع والناس المنتفضين.هنا جاء دور طابور الضفادع التي خرجت من مستنقعها لتملأ الدنيا نقيقاً: تنظير ناصح لجماهير الثورة في ظاهره تارة، أو داعياً إلى الحكمة والتعقل تارةً أخرى، ولكنّه في باطنه يهدف في جميع الأحوال إلى إحباط الانتفاضة. لا هدف لهم سوى إضعاف المواجهة ووضع العراقيل بوجهها، لكنّها ظلت دوماً أقوى منهم. في الطابور، اجتمعت ضفادع من برك آسنة مختلفة: فريق رأى، رغم "اعترافه" بمشروعية المطالب الشعبية، أنّ توسيع الرؤية لتشمل البعد الإقليمي تقتضي الدفاع عن منظومة حاكمة يشارك فيها، معتبراً تلك المشاركة مكسباً لا يجوز التفريط به وضمانة لموقعه المحلي والإقليمي، كما رأى حزب الله. فريق آخر تبنّى شعاراتٍ شعبوية وتستّر بتأييد محاربة الفساد، متناسياً أنّ خماسيته غير المقدسة (بري، جنبلاط، حريري، باسيل، جعجع) هي الفساد الذي يطالب الشارع بمحاربته وقطع رؤوسه وأطرافه، وفريق ثالث من داخل الفكر الاشتراكي يسير على هدى (أو بالأحرى على ضلال) "دمقرطة وأنسنة" الإشتراكية العلمية. هذا الفريق الثالث، الذي ابتُليَتْ به الماركسية – اللينينية منذ خمسينيّات أو ستينيّات القرن الماضي، يحمل في جعبته نظريات "نقدية" جاءت كلها على حساب المادية التاريخية، متسترة بنزعة "إنسانوية" تحجب إرتداداً صارخاً إلى طوباويات الفكر المثالي وأقانيم الفكر الديني – الميتافيزيقي. لكنّ التطورات الميدانية الراهنة تبعدنا عن الخوض في نقاش نظري بحت كهذا، وتشدّنا إلى موقفٍ عملي واضح ممّا يجري. نحن، الماركسيون اللينينيون، نؤمن بإمكانية تحقيق الثورة عند اكتمال ظروفها الموضوعية، ونطلب ما تراه نعاج الفكر "الإشتراكي الديمقراطي" المستحيل بذاته، حتى إذا حصلنا على الممكن عدنا إلى نضالنا من أجل ما يعتقدونه مستحيلاً، لأنّ ما نريده وتريده حركة التاريخ ليس إصلاحاتٍ للنظام الرأسمالي بل التصدّي للعلّة المركبة الأساسية: نمط الإنتاج، وعلاقات الإنتاج وملكية وسائل الإنتاج. إنّ حلم التغيير لا بدّ أن يكون حلماً جميلاً، نحو الاشتراكية لا نحو تحسين الرأسمالية.لذا نقول لكل أصناف المخربين والمعرقلين: عودوا إلى مستنقعكم، مستنقع الشرق المتعفن بالفكر الرجعي والاستعباد والاستبداد. ذلك هو مكانكم الطبيعي، فلا تلوّثوا مكاننا في مسار التغيير والثورة. أمّا نحن، فإنّنا في مواجهة الطبقة الحاكمة وجبن الطروحات الإصلاحية، حيث نجرؤ على النضال ونجرؤ على الحلم ونجرؤ على الإنتصار. الثورة تضحيات ومبعث فرح واحتفال: انظروا إلى السعادة وإن كانت ممزوجة بالألم في عيون المحتشدين في الشوارع والساحات. الشعب يريد الخبز والورود، وعلينا أن نساعده في المضي إلى آخر الطريق ليصل إلى الحرية الحقيقية ويكسر طوق استعباد رأس المال. فلنستكمل درب النضال من أجل وطن حرّ وشعب سعيد.
Read more...

صرخة نساء الجنوب

Published in متفرقات

"النظام الأبوي يقتل"، كان هذا أحد شعارات المسيرة النسوية يوم الأحد في مدينة صور. لم يتعدَّ عدد النساء الثمانين، لكنّ هذا الأمر لم يمنعهن من السير في شوارع المدينة الرئيسية، واقفاتٍ أمام مصرف لبنان والمحكمة الجعفرية، "مقبرة النساء" كما ذكرت الشعارات. كان صوتهُنّ مدوٍّ في كل شوارع المدينة. هتفْنَ ضدّ السلطة الدينية، هتفْنَ لحقّ الأمهات في الحضانة، لحقّ النساء في إعطاء الجنسية لأطفالهنّ، هتفْنَ ضدّ السلطة الأبوية وكل ما يحوي المصطلح من قمعٍ وذكوريةٍ واستغلالٍ وتميُّزِ فردٍ على آخر وإقصاءٍ واستضعافٍ للآخر. لعلّني أكثر تفاؤلاً من الكثيرات إذ أقول بأنّ هؤلاء النساء تحدّيْنَ مَن منعَهنّ من حقّهن في المشاركة السياسية والتظاهر في الساحات العامة والمساهمة باتّخاد القرار. إذ أنّ وجود النساء في الساحات والشوارع ليس بمشهدٍ مألوف في صور، بسبب حصر دورهنّ داخل التجمعات الخاصة الضيقة مثل المنزل وأماكن تجمّع الأسرة والحيّ. منذ بداية هذه الانتفاضة، كانت نساء صور الأقوى، بحيث عرفْنَ أنّ هذه الحقوق مكتسبة، ففرضْنَ وجودهنّ في الشارع وأصبحْنَ جزءاً أساسيّاً من انتفاضة صور، ونزلْنَ المسيرة يكرّسن ذلك. لنساء صور قوّة مرعبة، بالرغم من الواقع الاجتماعي القاهر. وكما يحدث في معظم المجتمعات المحافظة، فإن خروج النساء في كثير من الأحيان، ولو كان بهدف اللقاء بالأصدقاء، يخضع لبروتوكولات معيّنة، تحدّد المكان والمدّة والشكل وحتّى نوع الأصدقاء وشكلهم وبيئتهم. بينما يستطيع الأخ الأصغرأن يلعب دوراً في فرض سلطته على أخته التي قد تكبره بعشر سنوات. من المعلوم أنّ لصور خصوصية سياسية كحال الجنوب عامة، خصوصية من صنع حزب الله وحركة أمل، أقوى أحزاب السلطة. يأبى الثنائي إلّا أن يحافظ على هذه الخصوصية بكل ما لديه من أدوات لضمان استمراريته وسلطته. فلهذين الحزبين مثلاً سلطة لإلغاء حفلة يقيمها مطعم، بحجة أنّ في الفرقة الموسيقية "بنات بيلبسوا قصير". لهذين الحزبين سلطة لإقفال محال تبيع الكحول، ومنع جمعيات من دخول الجنوب، وإيقاف نشاطات غيرها، ومنع -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- وجود ساحات عامة للتلاقي والتفاعل، أو تجمع شبابي له تطلعات تغييرية أو بكل بساطة رؤية يمكن أن تتعارض مع مشروعهم. كما فرض الثنائي أنماط تديُّن جديدة، وأسقط علينا ممارسات ثقافية هي في الأصل غريبة عن مجتمعنا عامة، والمجتمع الجنوبي خاصة. وهي أنماط ليست ذات منشأ ديني كما يدّعي، إنّما ذات بُعد سياسي رأى من خلاله قدرة للسيطرة على المجتمع وعقول الناس. أنتج هذان الحزبان نوعاً خاصاً من رجال الدين ودعموهم ليحظوا بثقل وسلطة تفوق في بعض الأحيان سلطة رجال السياسة. استخدم الثنائي الشيعي موارده، فائض قوته وسلطته لعزل المدينة عن التطور والانفتاح. وقد نجح بنسبة عالية ولفترة معينة. لعلّنا، كنا لأعوام مستسلمين لهذا الواقع، وكل ما استطعنا فعله هو مراكمة الكره وحقدنا تجاه هذه المدينة والهرب نحو بيروت. اليوم، تعلم هؤلاء النساء أنهنّ في مواجهة مع من ينصّبون أنفسهم أولياءً عليهن بدعم مباشر من أقوى الأحزاب سلاحاً ومالاً وسلطة. ثارت نساء الجنوب على هذه الإنتاجات والأنماط، كسرْنَ كل القيود الإجتماعية، تحدّيْنَ كل الأطراف المعادية، تحدّيْنَ المجتمع ونظرته للنساء في الشارع، تحدّيْنَ السلاح والعنف الذي يهددون به المنتفضين كل يوم. تحدّيْنَ أنفسهنّ وانتصرْنَ، فأحدثْنَ خضّة نوعية تزعزع أركان الموروثات الاجتماعية والأنماط التي كرّسها هذا الثنائي في نظرة مجتمعنا للنساء. هذه الخضة يبنى عليها لتأسيس نمط اجتماعي تقدّمي في تعامله مع النساء، ويؤسّس لشكلٍ جديدٍ للمدينة.
Read more...

حب في زمن الثورة

Published in متفرقات

شخصيات القصة من مدينة صور، أبطال رواية تبدو للوهلة الأولى غير حقيقية. كوثر بدوي من حارة الجورة - ما يُعرف بـ"حارة الإسلام"- حائزة على إجازة جامعية لتعليم اللغة الانكليزية عام 2018 وتبلغ من العمر 22 سنة. كانت تعمل في مقهى ستاربكس على الكورنيش البحري لمدينة صور قبل 17 اكتوبر. بدأت مسيرتها الثورية ليل الخميس عندما خرجت من المقهى لتسير مع التظاهرة الشعبية فطُرِدت من عملها في اليوم التالي. كوثر تملك صوتاً جميلاً وهي من "هتّافات" صور. الياس برادعي هو الشخصية الثانية في هذه الرواية، شاب عشريني من ما يسمّى بـ"حارة المسيحية" في صور. هو طالب جامعي في تصميم الغرافيك ويتلقّى تدريبات عديدة في التمثيل. كبطل رواية حقيقي، له هوايات عديدة منها ألعاب الخفة والنار. "كوكو"، هكذا يناديها الياس، كثيرة الحركة، اجتماعية، نشيطة بين المتظاهرين، تهتف بصوتها الرنّان بإصرار وثقة. أمّا "ليلو"، كما تناديه كوثر، فقد كان يتبعها في جميع نشاطاتها. في ساحة العلم يلتقيان، ويحتسيان القهوة ويتناولان الطعام معاً كلّ يوم. تقول روايتهما بأن الياس جاء في أحد الأيام متأخّراً يحمل طعام الغذاء لكوثر كونه يعلم أنّها ترهق نفسها في النشاطات. تمنّى لو تجلس بجانبه فتأكل وترتاح لبعض الوقت، لكنّه لم يجدها في الساحة وعندما سأل عنها قالوا له بأنها ذهبت إلى الصيدلية وسوف تعود. برد الطعام وحلّ الليل ولم تأتِ كوثر، فأصيب الياس بخيبة أمل. لم تترك له كوثر أيّ رسالة عن سبب غيابها المفاجئ. أمّا كوثر، فهي انتظرت رسالة من الياس أو اتصالاً منه، يستفسر عن سبب غيابها عن الساحة في ذلك اليوم ويطمئنّ عليها. لكن الياس لم يقدم على أي خطوة واعتبر أنّه أخطأ بإعطاء اهتمامٍ لعلاقة شخصية في ظل الثورة. عندما جاء اليوم التالي، التقيا في الساحة دون سلام. سأل أحد المتظاهرين كوثرعن مكان تواجدها في اليوم السابق، فأجابته بأنها كانت في المستشفى لأنّها كانت مريضة جداً. سمع الياس الحديث الذي دار بين المتظاهر وكوثر وأصيب بالخجل. أخذ يفكّر بكيفية الخروج من هذا المأزق، ثم ذهب إلى كوثر وأخبرها بأنه كان قد تصرف بتكبّر، وأنه لا يريد إزعاجها لأنه يعلم بأنها ليست مهتمة بأيّ ارتباط. فضحكت كوثر من دون تعليق. وعاد الياس يتبع كوثر كخيالها من الصباح حتى المساء ينتظر وقت الطعام أو القهوة صباحاً ليحظى بابتسامة أو حديث خاص بينهما. وفي يوم، قرّرأثناء إحدى الندوات الشعبية أن "يغيّر" الهتاف ويأخذ المذياع ليعلن لكوكو عن حبه بعد ثلاثة أسابيع تقريباً على بداية الثورة. إلياس الذي كان شاباً غير وفيّ في علاقاته مع النساء، يرى بأن هذه الثورة غيّرته. لم يشارك الياس في بداية الثورة ولم يهتم لما يجري، لكنه في اليوم الرابع نزل إلى مكان الاعتصام ورأى المتظاهرين. ثم لفتت نظره فتاة "هتّيفة" اجتماعية جدّاً، فأجبِر على الاختلاط بالمعتصمين. بدأ شيئاً فشيئاً يكتشف أموراً بسيطة لم يكن يعرفها من قبل، كحقّه بالحصول على الكهرباء 24/24 ، وبدأ ينمو لديه وعيٌ ثقافي حتى في مواضيع غريبة عنه تماماً كالحفاظ على البيئة. "أصبحت الثورة أملاً جماعياً"، يقول الياس. أمّا كوثر فتقول بأن الثورة هي مساحة للتعبير عن الرأي. لم يتغيّر شيء في شخصيتها المستقلة، لكنّها تعلمت من الياس "السحر". من جهة أخرى، هناك حواجز خوف في علاقة كوثر والياس، أولها الاختلاف الديني بين شخصين في علاقة. من ناحية موقف الأهل فأم إلياس أحبّت كوثر، أمّا أباه فقد اعتبرها في البداية شيوعية كافرة ومن عبدة الشياطين لعلمه بأنّ الياس تعرّف عليها في التظاهرات الشعبية، بالرغم من محاولات الياس لتوضيح صورة المتظاهرين الذين تعرّف عليهم وتعلّم منهم الكثير. والملفت أن أبا الياس مناصرٌ لحركة أمل. أبو كوثرالذي كان عضواً في حزب الله، أخذ موقفاً حاسماً جداً بعد اندلاع الثورة وخاصة بعدما طلب منه أحد عناصر حزب الله عبر اتصال هاتفي إخراج كوثر من الساحة، مهدّداً إيّاه بتجميد عضويته في الحزب. كان قرارُ أبي كوثر واضحاً، فقال له: "استقالتي جاهزة". انتفض أبو كوثر على حزبه ودعم ابنته لاستكمال مسيرتها النضالية. تختم كوثر روايتها بقولها "أحبه"، أمّا الياس فيقول: "يسقط نبيه بري".
Read more...

النائب أسامة سعد: لتشكيل جبهة عريضة

Published in لبنان

تناول أمين عام التنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد، في مقابلة على إذاعة "صوت الشعب"، الأزمة التي يمر بها لبنان وموضوع الاستشارات النيابية وتأجيلها، وأكّد على أهمية تشكيل كتلة وطنية معارضة لفرض ميزان قوى سياسي جديد من أجل فتح مسار التغيير والانتقال من الأزمة المستحكمة في البلد بانهياراتها إلى مجال عام أوسع وأرحب تكون المعارضة الوطنية فيه وازنة وفعّالة. كما تناول  سعد موضوع الفيضانات التي حصلت في معظم المناطق اللبنانية، والتي كشفت عن هشاشة البنى التحتية والفساد في التلزيمات، مؤكّداّ أّنّ مليارات الدولارات قد صرفت على البنى التحتية دون أي نتيجة. وهو ما يدل على أنّ سرقات قد حصلت، إضافة إلى تنفيعات لمقاولين من جماعة السلطة، يضاف إليها الاستهتار في أعمال  الصيانة. واعتبر سعد أنّ "التحقيقات أو الملاحقة العدلية في الموضوع يجب أن تحمّل المسؤولية للمعنيين بمتابعة هذا الملف؛ إن في الوزرات، أم في الادارات المعنية". وشدّد على أن "تكون الملاحقة شاملة، وتطال كل المتسبّبين، كما يتوجب على المسؤولين ان يتحملوا المسؤولية، وليس أن يعتذروا فقط، كما عليهم ملاحقة المتسببين بهذه الأضرا". أمّا في موضوع الاستشارات النيابية وتأجيلها إلى الاثنين المقبل، واعتذار الخطيب بعد لقاء المفتي،  قال سعد أنّ "هناك تخبّطاً وسط أطراف السلطة بعد الانتفاضة الشعبية والتفاهم الرئاسي انهار، وهناك محاولات مستمرة لترميمه لإعادة انتاج النظام نفسه. والانتفاضة فرضت واقعاً جديداً أوجد صعوبات بين أطراف السلطة لإنتاج النظام من جديد، لكون تركيبة السلطة مركبة على محاصصات طائفية ومذهبية".  وأضاف سعد أنّ "التغيير بحاجة إلى موازين قوى تفرضه، ويجب العمل على توفير موازين قوى جديدة تفرض التغيير"، معتبراً أنّ "الانتفاضة ذات الهوية الوطنية تحمل إرادة التغيير، كما ترفض الواقع". وقال "كنا على الدوام مع شركائنا  في العمل الوطني والتقدمي نرفض الواقع ونحمّله اسباب الانهيارات، وأيضاً الانتفاضة تدين المرحلة الماضية وتطالب بالتغيير وعدم إعادة إنتاج النظام نفسه".  وأكّد سعد على أهمية تكتل القوى الوطنية لفرض واقع سياسي جديد يؤدي إلى مسار تغييري عبر مرحلة انتقالية. كما على قوى السلطة التسليم بواقع سياسي جديد فرضته الإرادة الشعبية، وعليها تقديم التنازلات السياسية لننتقل إلى واقع جديد عبر مرحلة انتقالية يعبرها البلد بسلام، وحتى لا نتعرض لمخاطر جدية على المستوى الاجتماعي والأمني.  وأشار سعد الى أهمية أن يشكل الحراك  لنفسه وزناً سياسيّاً، وأن يخلق معادلة سياسية جديدة لفرض خياراته ومواجهة الطبقة السياسية الحاكمة، وذلك عبر بناء معارضة وطنية شعبية وازنة تحمل رؤية وبرنامج يشمل كل الملفات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من أجل التغيير الديمقراطي.  وأخيراً شدّد سعد أنه "ينبغي على القوى السياسية  الوطنية المعارضة على مدى عقود من الزمن أن تتواصل  مع المجموعات المعترضة من أجل تشكيل جبهة عريضة للمعارضة الوطنية الشعبية لفرض ميزان قوى جديد في لبنان يفتح مسارات للتغيير والانتقال بسلام من حالة الأزمة المستحكمة بانهياراتها الى مجال عام اوسع وأرحب حيث تكون المعارضة الوطنية فاعلة، وإما أن تكون في السلطة إذا تمكنت من ذلك، أو تكون معارضة تفرض خياراتها على من هم في السلطة".   
Read more...

الشعب في مكان والسلطة في مكان آخر

Published in لبنان

لبنان لا يغرق فقط في مياه الأمطار ووحولها كلما اشتد المطر، بل يغرق في الفساد والتلوث، وفي العجز والمديونية، وفي لجة الانهيار الاقتصادي والمالي أيضاً. ومع ذلك ما يزال سير سلطة القرار، أبطأ من السلحفاة. وهم يعلمون مدى خطورة الوضع، وعدم استطاعتهم تجاهل الانتفاضة والغضبة الشعبية، والمطالب والحقوق التي تنادي بها. لكنّهم ينطلقون أوّلاً، من مصالحهم هم، وتثبيت مواقعهم على كراسي السلطة، قبل وفوق مصالح الشعب والوطن. لقد أربكتهم هذه الانتفاضة العابرة للطوائف، وظهّرت التباينات والاختلافات بينهم، وأدّت إلى إسقاط حكومة "وحدتهم الوطنية" في الشارع. وسقطت معها تلك المفاهيم الكاذبة، المبنية على الطائفية وتحاصصاتها، كالميثاقية، والتوافقية، والوحدة الوطنية، التي عَنَت وتعني، وحدتهم هم، وتوافقاتهم على مصالحهم في مواقع السلطة وفي حصص الهدر والفساد. ويكشف تحايلهم من جديد، لتركيب حكومة "وحدة وطنية" من نفس طينة الطبقة السلطوية. إنّ السلطة في مكان، والشعب وانتفاضته في مكان آخر. ويدرك الكثيرون من الناس، أنّ من أوصل بلاده إلى الإنهيار، ويجعل حياة شعبه جحيماً، ليس هو من يُخرج البلد والشعب من حالة الانهيار. فالسارقون يُحالون إلى المحاسبة ويتمّ استعادة المال العام الذي نهبوه. ولا تتمّ مكافأتهم بإعادتهم من جديد إلى السلطة. والكلام المعسول والوعود البرّاقة التي سئم الناس سماعها في تصريحات المسؤولين، لم يَعُد تكرارها ينطلي عليهم. وطالما بقي بناء السلطة وتشكيل الحكومات على الأسس والمفاهيم نفسها، أي التحاصص الطائفي، ووفق ذهنية التسابق على الحقائب المهمة والدسمة، فلن يكون الشعب مطمئناً. وليست ثقة المجلس النيابي للحكومة، هي الأساس، بل ثقة الشعب. ثقة الانتفاضة، التي تطالب بإصرار، بأن تكون الحكومة مستقلة ولفترة انتقالية، وببرنامج يقضي بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وفق قانون نسبي وغير طائفي ولبنان دائرة واحدة. وليس مقنعاً ولا مقبولاً الامتناع عن إجراء الانتخابات المبكرة، بذريعة، أنّ المجلس النيابي الحالي قد انتُخب منذ حوالي سنتين. فبلدان كثيرة تُقدم على إجراء انتخابات مبكرة لأسباب أقل بكثير مما جرى ويجري في بلدنا. والمسلّم به دستوريّاً، أنّ الشعب هو المرجعية الأساسية، وهو الأصيل الذي من حقه نزع الوكالة من الذين أوكلهم، وإيكال بديل عنهم. إنّ انتفاضة شعبنا الرافضة لسياسة الانهيار والفساد والمطالبة بالتغيير، إذ تمثّل المصالح والحقوق الاجتماعية والطبقية للشعب ، فإنّها تحمل مضموناً وبُعداً وطنياً في مجابهتها سياسة التبعية الاقتصادية والمالية لمخططات ومراكز الرأسمال العالمي، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وباريس 1و2و3 ، والآن سيدر، التي تُغرق الوضع الاقتصادي والمالي اللبناني، بالمزيد من التبعية، وصولاً إلى الضغط لإرضاخ لبنان سياسيّاً أيضاً لمصالحها. إنّ تعدّد المنافذ التي تدخل منها المخططات الأميركية- الصهيونية، من العدوان العسكري، إلى التناقض الذي يَستولده النظام الطائفي، إلى الشأن الاقتصادي والمالي وغيره، يظهر الترابط بين مجالات مواجهة العدو نفسه. وهذا ما يستدعي من جميع قوى المقاومة والمواجهة، دعم الانتفاضة واكتساب أوسع قاعدة شعبية، في مواجهة سياسة الإفقار والتجويع والفساد من جهة، والتبعية الاقتصادية والمالية لمؤسسات الرأسمالية الكبرى والدور الأميركي فيها، من جهة أخرى.وأهمية هذه الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة، لا تكمن فقط فيما فرضته على السلطة من امتناع فرض ضرائب على الشعب في موازنة 2020، ولا حتى في إسقاط الحكومة، ومنع انعقاد جلسة المجلس النيابي، والعفو المشبوه، الذي كان على جدول أعمال الجلسة. فقد حرّكت مِئات الآلاف الذين خرجوا من حالة الصمت والرضوخ لما هو قائم، وشكّلت عامل وعي يظهر قدرة الشعب ودوره على الفعل، وجذبت الأوساط بمطالبها وشعاراتها التغييرية، ممّن خرجوا على الولاء لزعمائهم وطوائفهم. وإذا كان التنوع نقطة ضعف في انتظامها، فإنه نقطة قوة لها في الوقت نفسه. فقد أيقظت الانتفاضة الحلم لدى الناس وبخاصة الشباب، وأنعشت الأمل بإمكانية التغيير وبناء وطن لجميع أبنائه. والمؤكد الآن هو أنّ تجاهل دور الشعب، من قبل أي سلطة، لم يعُدْ ممكناً.
Read more...

الانتفاضة الشعبية: المسار والأطوار

Published in لبنان

يصدِفُ أن تلتقيَ بشخصٍ تعرفه وأنت تمشي في الشارع ليسارع بسؤالك السؤال الآتي "شو وين صرتو؟" وكأنّه ينتظر من الانتفاضة الشعبية أن تحقّق تغييراً شاملاً لسلطة متجذّرة ولدت إبّان إعلان دولة لبنان الكبير عام ١٩٢٠، من خلال خمسين يوماً من التظاهرات. عجيبٌ أمر هذه الشريحة من المواطنين وكأنّ الانتفاضة ستعطي مفاعيل وتأثيراتٍ في غاية السرعة. ثمّة قوانين ناظمة لأيّ حركةٍ جماهيرية علّمتنا إيّاها تجارب الشعوب المنتفضة، بالاستناد إلى التراث الماركسي- اللينيني، فقد وضعت الأخيرة الأسسَ التنظيمية للثورة اشتراكية التي تبدأ بتنظيم صفوف الطبقة العاملة، وتمرّ بحتمية رفع مستوى وعي هذه الطبقة، ومن ثمّ تأطير نضال الطبقة العاملة على المستوى السياسي وأخيراً القيام بالفعل الثوري. في حقيقة الأمر، دائماً ما يُنظر إلى "الحراك- الانتفاضة- الثورة" وكأنّها تأخذ خطّاً مستقيماً تصاعدياً وهذا ما تدحضه ثورات الشعوب المنتفضة في أمكنة وأزمنة عديدة. إنّ الاعتقاد بأنّ "الحراك- الانتفاضة- الثورة" يأخذ هذا الخطّ التصاعدي يحيلنا إلى الاعتقاد بأنّ الرسم البياني لها هو عبارة عن منحنى الجرس أو ما يعرف بالـ "bell curve". على عكس هذا الاعتقاد، فإنّ مسار "الحراك- الانتفاضة- الثورة" هو أقرب إلى تعرجات غير مستقيمة، أفقياً وعموديّاً، تماماً كما حركة التاريخ، فكما قال لينين أنّه يمكن أن تمر عشرون سنة في التاريخ مفعولها كيوم واحد، وأن يمر يوم واحد يراكم في مساره ما يعادل عشرين سنة. في هذا السياق، فإنّ شكل "الحراك- الانتفاضة- الثورة" هو بالضرورة عبارة عن أطوار مختلفة تتشكّل من منحنيات مختلفة. فلنأخذ الثورة المصرية مثالاً، فإنها مرّت بأربعة أطوار لغاية الآن. في الطور الأوّل، سقط حسني مبارك (٢٠١١) ليستلم من بعده الحكم المجلس العسكري لفترة انتقالية قادت إلى تنظيم انتخابات جديدة وتعديلات دستورية. الطور الثاني كان عندما أفضت الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٢ إلى فوز محمد مرسي، الذي ينتمي إلى الإخوان المسلمين، بسدة الرئاسة. الطور الثالث حدث عندما أُزيح مرسي بفعل انقلابٍ عسكريّ وبضغط شعبي قاده عبد الفتاح السيسي (حزيران ٢٠١٣) ليتولّى المنصب رسميّاً عام ٢٠١٤. الطور الرابع والحديث نسبيّاً تمثّل في تظاهرات شهدتها عدّة مدن مصرية في أيلول/سبتمبر من العام الحالي (٢٠١٩). بهذا المعنى، فإنّ الثورة هي سيرورة مستمرة في الزمن. ولكلّ "حراك- انتفاضة- ثورة" نقطة تحول (turning point) هي عبارة عن تجميع كمّي لظروف ذاتية وموضوعية، بعضها مرئي وبعضها الآخر غير مرئي، ومن ثم تلتئم في ظرفٍ سياسي معيّن ليتحول هذا التراكم الكمّي إلى تحوّل نوعي (راجع المقالة السابقة: التراكم التاريخي لانتفاضة ١٧ أكتوبر). عند إسقاط هذه النظرية على الحالة اللبنانية، فإنّ نقطة التحول التي أّدّت إلى اندلاع الانتفاضة كانت ضريبة الواتساب التي اقترحتها الحكومة السابقة، على محدودية أبعادها السياسية. ولّد هذا الأمر انفجاراً شعبياً هائلاً، فكانت القشّة التي قصمت ظهر البعير فأطلقت الثورة الشعبية من قمقمها. لقد أدّى ذلك برئيس الحكومة الى إعلان استقالة حكومته بعد ١٢ يوماً من المظاهرات في مختلف المناطق اللبنانية. اليوم وبعد أكثر من خمسين يوماً من عمر الانتفاضة الشعبية لتاريخه، فإنّ الانتفاضة قد استنفذت جميع أشكال الاعتراض الشعبي في طورها الأوّل من خلال اعتصامات وتظاهرات وقطع طرقات وإقفال مرافق عامة وحملات على المصارف وتحركات طلابية وقطاعية عديدة. إنّ انتقال الانتفاضة من الطور الأوّل إلى الطور الثاني مرهونٌ بظروف وتطوّرات، بعضها ذاتي ينتج عن مدى قدرة قوى الانتفاضة بالانتقال من شكلها الحالي إلى شكل أكثر جذرية، وهنا المسؤولية الأساس تقع على عاتق الحزب الشيوعي اللبناني بصفته الحزب الثوري الفاعل في صفوفها. والبعض الآخر من الظروف هو ظروف موضوعية تمليها تطورات الوضعين السياسي والاقتصادي وما قد ينتج عنهما. في الشقّ السياسي، فإنّ تشكّل حكومة تكنو-سياسية يرأسها الحريري أو غيره، قد يكون محطة مفصلية أخرى للانتفاضة لأنّ التغيير الموعود في هذه الحالة لم يعكس المزاجَ الشعبي المطالب بحكومة وطنية انتقالية من خارج المنظومة الحاكمة، وعندئذٍ سيكون للانتفاضة كلمتها لناحية رفض هذه الحكومة. أمّا في الشق الاقتصادي- الاجتماعي، فينبغي النظر إلى خمسة مسارات سيكون لها تأثيرات سلبية على مختلف الشرائح الاجتماعية، وبالأخص الطبقتين الفقيرة والمتوسطة. المسار الأوّل هو استمرار المصارف بحجز أموال المودعين الصغار وتقييد عملية السحب النقدي. المسار الثاني يكمن في موجة الغلاء المستمرة في الأسواق مع ما يقابلها من إمكانية فقدان أو شحّ المواد الغذائية الأساسية والأدوية والمستلزمات الطبية. المسار الثالث يكمن في توجه مؤسسات القطاع الخاص بتسريحٍ جماعي للعمّال والموظفين أو قضم حقوقهم عبر إعطائهم نصف معاش، وعبر ذلك ستزيد أعداد العاطلين عن العمل بشكل مطّرد في سوق عمل يتميّز أصلاً بقلّة فرص العمل فيه. المسار الرابع يكمن في تناقص سيولة الدولة اللبنانية إلى الحدّ الذي سيجعلها غير قادرة على دفع رواتب وأجور العاملين في القطاع العام بمؤسساته المختلفة. المسار الخامس والأخير يكمن في استمرار تقلّبات سعر الصرف مقابل الدولار الأميركي حيث وصل إلى عتبة الـ٢٣٠٠ ليرة (الخميس في ٢٨ تشرين الثاني/ نوفمبر). إذاً مراقبة هذه المسارات وتفاعلها مع المسار السياسي سيكون له نتائج وتأثيرات عديدة على مستوى الانتفاضة الشعبية وانضمام شرائح اجتماعية عديدة إليها، وبالتالي تجذّرها أكثر على مستوى الفاعلية والخطاب السياسي المرافق لتطوّرها. إنّ اشتداد وقع الازمة الاقتصادية- الاجتماعية بدأ يدفع بالمواطنين بالإقدام على الانتحار في مؤشّرٍ خطيرٍ لما آلت وستؤول إليه الأوضاع. وفي هذا السياق، فقد سُجّلت ثلاث حالات انتحار في الفترة الممتدّة من ١ كانون الأول/ ديسمبر وحتى ٤ من الشهر نفسه. بناءً على ما تقدّم، فإنّ انتهاء الطور الاوّل من الانتفاضة لا يجب أن يحيلنا إلى اعتقاد بأنّ الانتفاضة الشعبية انتهت أو خفّ وهجها، بل هي في مرحلة انتقالية للدخول إلى الطور الثاني. ولا يمكن التكهّن بالمهلة الزمنية للانتقال إلى هذا الطور لأنّ ما جعل الطور الأول يبدأ ويتفاعل لم يكن في الأساس "قراراً حزبياً" من حزب الطبقة العاملة أو من النقابات التي تدور في فلكه وإن كنّا نأمل ذلك! على أيّ حال، ينبغي متابعة نضالنا اليوميّ ضدّ النظام بكافة قواه وفروعه وفي طليعتها طبعاً الأوليغارشية المالية وجعله يأخذ مستوى أكثر جذريةً. وينبغي علينا التأكيد في كلّ مناسبة أنّ معركتنا مع هذا النظام هي معركة طبقية في المقام الأوّل، وبأنّ مسار المواجهة مع هذه السلطة العفنة سيطول حتماً ولكنّ الأهمّ أنه بدأ في ١٧ تشرين الأول/أكتوبر. سأصطحب هذا المقال معي أينما حللت للردّ على سؤال الشاب الاستفزازي "شو وين صرتو؟".
Read more...

الانتفاضة ومسارها التصاعدي

Published in لبنان

58 يوماً على انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول /أكتوبر، زادُها إصرارٌ كبير من شعبٍ ضاق ذرعاً بهذه السلطة السياسية الفاسدة ونظامها الطائفي المتعفّن، لأنّه يستحق الحصول على أبسط حقوقه ألا وهي بناء دولة مدنية وطنية. إرادة اللبنانيين ووحدتهم قابلها "تخبّط أهل السلطة" التي غرقت بتجاذبات الاشتباك السياسي المعتاد وأغرقت البلد بانهيار مالي واقتصادي من جهة، كما أغرقت المواطن من جهة ثانية بكوارث وفضائح متكرّرة لمجازر وصفقات تأهيل البنى التحتية المهترئة والمعدومة أصلاً، والتي تفاجئ، كل عام، المعنيين في وزارتي الأشغال والداخلية والبلدية، أو البلديات، أو مجلس الإنماء والإعمار، وصولاً إلى المتعهّدين، عند أول سقوط للأمطار الطبيعية المعتادة، فيتسارعون إلى قذف الاتهامات في ما بينهم ليرفع كل منهم المسؤولية عن نفسه.
Read more...

ليست أزمة مالية، إنّها أزمة الرأسمالية

Published in رأي

العالم اليوم على مفترق طرق. ما كان يبدو ضرباً من الجنون منذ عقدين، صار خطاباً منتشراً على كل لسان اليوم. الرأسمالية في أزمة بنيوية، في دول المركز كما في دول الأطراف. النظام العالمي "الجديد" الذي نشأ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1990، صار عالماً قديماً ينتظر اليوم مراسم طيّ صفحته. الرأسمالية التي اعتُبِرت "نهاية التاريخ" تعيش اليوم خريفَها، واليد الخفية التي اعتبرها "آدم سميث" ناظمةً لتوازنات الاقتصاد والمجتمع في ظل الصراع بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، اتّضح أكثر للناس حول العالم بأنّها يدُ الاستغلال الطبقي الظاهرة، التي تراكم الثروة لدى فئةٍ محدّدة من المجتمع على حساب باقي الطبقات الاجتماعية. ما يشهده لبنان اليوم ليس حدثاً عابراً نتج عن قرارٍ داخلي أو خارجي، أو عن ردة فعل على قرار ظالم. إنّه انفجارٌ حتميّ نتيجة الانعكاسات المدمّرة للسياسات الليبرالية المتبعة منذ عقود، واستفحال الاستغلال الطبقي من خلال آليات الدين العام وخدمته الذي ينال من نصف إيرادات الخزينة التي ندفعها نحن من جيوبنا. آلية ذات هوية طبقية واضحة، تجبي المال العام من عموم الناس، لتعطي نصفه على طبق من ذهب لدائني الدولة، وهم بضعة عشرات العائلات التي تمتلك المصارف ورؤوس الأموال الكبيرة المتحكمة بسياسات الدولة الاقتصادية. تجمع الدولة الأموال من الأكثر حاجةً لتعطيهم إلى كبار الطغمة المالية. هي آلية نهبٍ منظّمة لمراكمة رأس المال، تزيد من تركّزه وتمركزه، لتترك العاملين والأجراء والموظفين والمُعطّلين عن العمل وصغار التجار وذوي الدخل المحدود رهينةَ سيادةِ الهيمنة الطبقية المطلقة عليهم. جهاز الدولة في خدمة رأس المال كما قال لينين في "الدولة والثورة"، وسياساتها مكرّسة لخدمته وتعزيز سيطرته على مفاصل السياسة والاقتصاد، فيما الناس يعملون ليل نهار لتحصيل ما لا يكاد يكفي عيشهم، ولتسديد فاتورة خدمة الدين العام، أي فاتورة خدمة رأس المال اللبناني. لبنان ليس جزيرةً معزولة، والأزمة ليست محصورةً فيه. السمة العامة للرأسمالية اليوم هي سمة الأزمة الكونية. تأخذ أشكالها المختلفة في كل مكان وزمان بحسب الظروف الموضوعية السائدة فيه. انتفاضات الشعوب في العراق والسودان والجزائر وغيرها هي تعابير مختلفة عن أزمة تتشابه في مضمونها. حرّاس رأس المال قد يكونون أركان دولة طائفية أو أركان جيوش مستبدة أو ملكيات تابعة، إذ تتعدّد الأشكال لكنّ المضامين تتلاقى. وفي حين تأخذ ارتدادات الأزمة طابع الانتفاضات الشعبية المطالبة بالتغيير في لبنان والعراق والسودان والبرازيل وإيران والتشيلي وغيرها، تتمظهر الأزمة نفسها بأشكال مختلفة في دول المركز الرأسمالي. ولعلّ أبرز مظاهر التحولات السياسية هناك هو الحالة الشعبية الواسعة التي بات يستقطبها التيار الاشتراكي في بريطانيا والولايات المتحدة بقيادة جيريمي كوربين وبيرني ساندرز اللذين يبنون شعبيتهم الواسعة على وعود العدالة الاجتماعية، بدءاً بتأميم قطاع النقل العام والبريد والطاقة والمياه، وتوسيع التغطية الصحية المجانية وبناء المساكن الشعبية كما هو الحال في برنامج حزب العمال البريطاني، أو بإقرار التغطية الصحية الشاملة وإلغاء ديون الطلاب وجعل التعليم مجانياً بالكامل وتمويل كل ذلك من خلال ضرائب واسعة على ثروة الرأسماليين كما هو برنامج "ساندرز" في ترشحه للرئاسة الأميركية. قبل سنوات، كانت هذه البرامج لتثير موجة من الاستنكار الإعلامي وحتى الشعبي في هذه الدول، مع أنّها برامج ذات مناحٍ اشتراكية ديمقراطية خاصة في حالة "ساندرز"، لكنّها صارت الآن تلقى التفافاً شعبياً متجذّراً ضدّ سياسات رأس المال. وفي حين تعمل الطبقات الحاكمة، وأجهزتها الإعلامية والأمنية على منع فوز أي من هؤلاء، وهي تنجح في ذلك حتى الآن، غير أنّها لا تستطيع أن تغيّر من حقيقة التفافِ تيارٍ شعبيّ واسع خلف الأفكار الاشتراكية ودعوات التغيير في النظم القائمة. لا يتردد "كوربين" و"ساندرز" في طرح الاشتراكية كحل مستقبلي تقدمي لبلدانهم، ولا تتردّد فئات اجتماعية واسعة، خاصة الشباب والطلاب، في تبني هذا الطرح خياراً وحيداً لحلّ الأزمات الاجتماعية المستفحلة. إنّ انتفاضاتِ شعوبِنا العربية وشعوبِ أميركا اللاتينية التي سبقتها وصعودَ التيار الاشتراكي في دول المركز الرأسمالي، أوجهٌ مختلفة للتعبير عن حقيقة واحدة: الرأسمالية في أزمة، وقد وصلت إلى حدودها التاريخية. لقد استوفَتْ مهمتها التاريخية، وظهر جليّاً انحسار أفقها، في ظل التعاظم المتسارع في مستويات اللامساواة بين الأكثر غنىً والأكثر فقراً، وفي ظلّ التناقض القائم بين قوى العدوان والاحتلال والهيمنة والشعوب المنتفضة والقوى الصاعدة. أزمتُنا ليست مالية، ولا نقدية ولا رقمية، وليست مشكلة موظف فاسد أو مشروع جرت سرقته زوراً. أزمتنا بنيوية، في صلب نظامنا الذي يولّد الفساد من بنيته المذهبية واعتماد الزبائنية في إدارة القطاع العام، وفي صلب سياساته الاقتصادية المكرّسة لخدمة المصارف ورؤوس الأموال. أزمتُنا جزءٌ من الأزمة الرأسمالية الشاملة، وحلولها لن تكون إلّا جزءاً من حلول الأزمة الشاملة نفسها. منذ شهرين كان هتافُ "الوطن للعمال تسقط سلطة رأس المال" أشبهَ بصرخةٍ في صحراء ليس فيها من يسمع أو من يجيب. اليوم هذا الشعار يكاد يكون داخل كلّ بيت. اليوم قد يعتبر البعض أنّ تجاوز الرأسمالية، وكسر الهيمنة الامبريالية ضرباً من ضروب الخيال، لكن خلال سنوات معدودة، قد يصير هذا الطرح مطلوباً، الآن وهنا، داخل كل دولة.
Read more...
Subscribe to this RSS feed