الشيوعي: لبرنامج وطني للإنقاذ ومحاربة الفساد تستوجب تغيير النظام الطائفي الذي يغذيه

  المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني
بيانات
لا حلول لهذه الأزمة طالما بقي هذا النظام قائماً


ناقش المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني الأزمة السياسية المرتبطة بتأليف الحكومة وتفاقم الأوضاع الاقتصادية – الاجتماعية وأصدر البيان التالي:
ما كادت الانتخابات النيابية تنتهي إلى ما انتهت إليه من إعادة انتاج لسلطة المحاصصة والفساد والتعطيل، حتى علت أصوات المواطنين على التأخير المتمادي في تشكيل الحكومة، بسبب خلافات أحزاب السلطة حول الحصص وتبعية زعمائها لأوصيائهم في الخارج، إضافة إلى تفاقم مؤشرات الأزمة المعيشية.
وتبرز مظاهر هذه الأزمة ومفاعيلها في مجالات عدّة، أهمّها: إنهيار المرافق والخدمات العامة الأساسية وبخاصة ما يتعلّق منها بتزايد انقطاع الكهرباء وتفاقم مشكلة النفايات وانتشار المكبّات والأوبئة المولدة للأمراض وإستعصاء مشاكل النقل والسائقين وزحمة السير الخانقة وحال الطرقات، ويضاف اليها تصاعد معدلات الفقر والافقار والبطالة، والإمعان في التعدي على حقوق المستأجرين وصغار المالكين، وإنفجار أزمة القروض السكنية التي استولى عليها كبار المسؤولين وأصحاب الشركات العقارية على حساب أصحاب الدخل المحدود والمتوسط.
وتزداد مخاوف المواطنين في الظرف الراهن بسبب الحديث المتكرر عن احتمال إهتزاز الاستقرار النقدي والمالي في البلد، وكذلك بسبب ما يتوقعونه من إجراءات تقشفية إضافية في الأمد القريب تنفيذاً "لمؤتمر باريس 4" (سيدر)، الأمر الذي قد يترجم في إلغاء الدعم عن الكهرباء وزيادة الضرائب غير المباشرة وتخفيض قيمة ونوعية الانفاق العام على الخدمات الصحية والاستشفائية والتقاعد، مع استمرار حرمان العمال والأجراء ومعلمي القطاع الخاص من حق المعاملة بالمثل في التقاعد وتصحيح الأجور اسوة بأجراء القطاع العام.
إن هذا المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتكرّر - مشهد المحاصصة والفساد والتعطيل المستمر للوظائف الأساسية للدولة - يشكّل بحدّ ذاته ادانة صارخة للتحالف الطبقي – الطائفي المتحكم بالنظام السياسي الطائفي، والعامل على ترسيخ دولة فدرالية طائفية – مذهبية، يتصرف كل "أمير" فيها كأنه عضو في مجلس الأمن الدولي يمارس حق النقض "الفيتو" ضد أيّ قرار لا يلبي مصالحه الفئوية الخاصة ولا يراعي مصالح اوصيائه في الخارج، في وقت يتجّه فيه البلد بخطى ثابتة نحو الغرق في نمط غير مسبوق من الأزمات.
إن ما يشهده البلد راهناً من استفحال في الأوضاع الاقتصادية المعيشية هو أقرب إلى التعبير عن أزمة عامة يتخبّط فيها النظام الطائفي، وقد بلغت خطورتها حدّا يهدد وجود الوطن وكيانه أكثر من أي وقت مضى، مع القناعة المتزايدة بأن لا حلول لهذه الأزمة طالما بقي هذا النظام قائما. ومما يعزّز قناعتنا هذه، أن تلك الأزمة العامة ليست منفصلة عمّا ينفذ من مشاريع لتمزيق المنطقة العربية وبلدانها على أسس طائفية ومذهبية، بدءاً من مشروع تصفية قضية الشعب الفلسطيني واستمرار محاولات تفتيت كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا.
إن الحزب الشيوعي اللبناني - الذي يثمّن نضالات الحركة النقابية والشعبية اللبنانية التي فرضت على أحزاب السلطة أن تتعاطي (ولو على طريقتها الملتوية) مع العديد من الملفات التي جسّدتها تلك النضالات في الشارع، وفي مقدمها قضية الفساد السياسي - يرى أن التصدّي لهذه القضية بالذات يعتبر خطوة بالغة الأهمية، ولكن شرط إندراجها في أطار توجّه عام لتغيير النظام السياسي الطائفي الذي يشكّل، بحكم طبيعته، المصدر الأول للفساد والإفساد. ويدعو الحزب قوى التغيير الديمقراطي للعمل معاً من أجل انتاج برنامج وطني للإنقاذ بغية حماية البلاد من خطر تهديد السلم الأهلي نتيجة هذا النهج السياسي الطائفي والانقسامي غير المسبوق لأطراف السلطة والخروج من دوامة المراوحة عبر حكومات محاصصة لا يتوقّع أن تكون أفضل من سابقاتها إن تشكلت، وهو في هذا السياق يعرب عن إدانته لكل اشكال والوان التطبيع مع العدو الإسرائيلي مطالباً بمعاقبة المسؤولين عن ورود كلمة " إسرائيل" بدلاً من فلسطين في نص الاتفاقية المنشورة في الجريدة الرسمية حول - مياه الصرف الصحي في صيدا - الموقعة بين البنك الأوروبي والدولة اللبنانية ممثلة بمجلس الإنماء والإعمار.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي اللبناني
بيروت 25 تموز 2018