الأحد، نيسان/أبريل 28، 2024

تظاهرات حول العلاقات اليونانية التركية والمزاحمات الجيوسياسية

عربي دولي
إن صراع الشعوب المشترك هو الرد على "اللعبة" الحربية الخطرة التي نصبتها قوى إمبريالية وطبقات برجوازية وحكوماتها. أجرت منظمات الحزب الشيوعي اليوناني مؤخراً العديد من التظاهرات السياسية في عدة من مدن اليونان حول التطورات الإقليمية والدولية. وكانت تظاهرة ذات صلة قد نظمت بعنوان "التطورات الخطرة في العلاقات اليونانية التركية، ضمن دوامة المزاحمات الجيوسياسية والمصالح المناهضة للشعوب"، بعد ظهر يوم الثلاثاء 28 كانون الثاني / يناير في جامعة بانتيون، من قبل المنظمة القطاعية للحزب الشيوعي اليوناني لمنطقية أتيكي في الجامعات والبحوث ومنطقية الشبيبة الشيوعية اليونانية الطلابية في أثينا.
وتحدَّث في التظاهرة إليسيوس فاغيناس، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني ومسؤول قسم علاقاتها الأممية. ثم جرى نقاش حول التطورات، عبر أسئلة حول المزاحمات وموقف الحكومة والأحزاب البرجوازية الأخرى، وأيضاً حول مواقف الحزب الشيوعي اليوناني.
حيث سجَّل إليسيوس فاغيناس: «يكتمل هذه الأيام مرور 24 عاماً على تطورات إيميا عام 1996. حيث استكمل ما سمي بـ "أزمة إيميا" بتقديم رئيس الوزراء آنذاك سيميتيس، الشكر للولايات المتحدة وانتهاء اﻷزمة بأمر الولايات المتحدة الأمريكية القاضي "لا أعلام على الجزيرة، لا تواجد عسكري، لا لتواجد السفن في جزيرة إيميا". غير أن ذلك لم يوقف على الإطلاق الاحتدام الأبعد للعلاقات اليونانية التركية، والذي تجلى بأساليب عديدة، وصولاً حتى نظرية ما يسمى "الوطن الأزرق". وبعبارتين مختصرتين، فقد أظهر التطور برمته أن تدخل الإمبرياليين الأمريكيين في الواقع لم يحفظ أي شيء جيد للحقوق السيادية للبلاد، وللسلم الفعلي، وليس "للسلم" الإمبريالي، الذي يُفرض مع وضع "المسدس في رأس الشعوب" من أجل ترويج مصالح غريبة عن الشعوب. ومن الواضح أن الحادث الساخن في إيميا لم يكن قد جرى من أجل بعض الماعز التي كانت ترعى على صخور بحر إيجه، كما انطبع في ذاكرة الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون. كما وبالتأكيد، لا يعود التوتر الحالي في العلاقات اليونانية التركية، إلى إردوغان الذي يُقدَّم كما يقول البعض بأنه "عامل متأرجح" و "مختل عقليا" وسياسي خطر "أطلق العنان" لذاته بعد محاولة الإنقلاب. إن أولئك الذين يقولون ما ذُكر يتظاهرون بأنهم لا يلاحظون حتى أن زعيم المعارضة التركية، كيلتشيدار اوغلو، يتنافس مع إردوغان في الهستيريا القومية وفي التشكيك بحقوق اليونان السيادية في بحر إيجه». وتطرَّق كادر الحزب الشيوعي اليوناني بذات القدر إلى تعاون الطبقتين البرجوازيتين، وإلى مزاحمتهما التي تتفاقم من العدوانية التي تبديها الطبقة البرجوازية التركية ضد الحقوق السيادية لليونان وقبرص، وأضاف: «إننا نرى من جهة زيادة أرباح رجال الأعمال، من تعاون الطبقتين البرجوازيين، كما ومن جهة أخرى، زيادة مخاطر مجابهة شعبي البلدين ﻠ "حادث ساخن" أو لصدام أوسع ذي تبعات مأساوية. حيث يشهد كل ما ذُكِر، أن أسباب الوضع الذي نعيشه ليست سوى العلاقات التي صاغتها الطبقتان البرجوازيتان المهيمنتان في كِلا البلدين. هي علاقات تمتلك كالمغناطيس "قطب" التعاون، وذاك الآخر المعبر عن مزاحمتهما الشرسة. وفي هذا "القطب" الثاني، نرى من ناحية، تطلعات الطبقة البرجوازية اليونانية لترقية مواقعها في المنطقة، مستفيدة أيضاً من الصعوبات التي تواجهها علاقات الولايات المتحدة وحلف الناتو، حالياً مع تركيا، معمقة مشاركتها في المخططات الإمبريالية على حساب شعوب أخرى، كمثال إرسال بطارية "باتريوت" إلى السعودية، أو إرسال السفن الحربية إلى مضيق هرمز، ومن ناحية أخرى نرى الطموح المفرط الذي تمتلكه الطبقة البرجوازية التركية. تسعى الطبقة المسيطرة في تركيا إلى لعب دور أقوى في التطورات، ليس فقط إقليمياً بل ودولياً أيضاً. فهي تتواجد بين أقوى 20 اقتصاد رأسمالي، وتمتلك ثاني أكبر جيش داخل الناتو، بينما تتواجد بين أقوى عشر دول عسكرياً في العالم. وعلى هذا الأساس، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل ليس فقط تشكيك الطبقة البرجوازية التركية (بإسناد من الولايات المتحدة - الناتو) بالحقوق السيادية لليونان في بحر إيجه، وسعيها للاستيلاء على جزء من ثروة الطاقة الحالية، وليس فقط بالحقوق السيادية لقبرص وسعيها أيضاً إلى تقسيم قبرص "بالقانون"، والترويج "لحلول" تقسيم مماثلة، لكونفدرالية دولتين خلف ستار دخان "فيدرالية"، بل وأيضاً سبب تشكيكها اليوم بالمعاهدات التي رسمت الحدود في المنطقة الأوسع. وهي التي قد غزت 3 بلدان، ونعني عدا قبرص، العراق وسوريا، حيث تحافظ على جيوش احتلال. وترسل قوى عسكرية خارج تركيا وتبني قواعد عسكرية، كتلك في قطر والصومال وألبانيا وغيرها. وأقدمت على اتفاق غير مقبول بشأن المنطقة الاقتصادية الخالصة مع رئيس وزراء ليبيا المعين. وتسعى إلى استغلال قضايا الدين والأقليات في مخططاتها. وفي الحاصل فمن الواضح أن مزاحمات الطبقتين البرجوازيتين للبلدين هي من تحدد "نغمة" التطورات، وهي التي تسعى إلى جر الشعبين إلى “مسننات” أعمال عدائية إجرامية. ومع ذلك، وفي نفس الوقت، يجب أن ندرك أن الطبقتين البرجوازيتين للبلدين (اليونان وتركيا) ليستا وحدهما في "تشابك حبال" الحرب الخطير هذا الذي نصبه الرأسماليون وحكوماتهم. حيث يرمي ﺑ"ظله" على العلاقات اليونانية التركية تورط منظمتي حلف شمال الأطلسي والإتحاد الأوروبي، الامبرياليتين، وغيرهما من القوى الإمبريالية العاتية. وأشار إليسيوس فاغيناس إلى تطورات المنطقة الأوسع لشرق المتوسط وإلى تداخل مزاحمات القوى والمنظمات الإمبريالية الكبرى مع العلاقات اليونانية التركية. وانتقد بنحو لاذع "بعض" الأصوات اليسارية "التي تتساءل عما إذا كنا نركز بنحو خاطئ على العدوانية التركية تجاه الحقوق السيادية لليونان وقبرص. وغيرها من بعض الأصوات "اليسارية" الأخرى التي تنحاز إلى " الخرافة" الجديدة للأحزاب البرجوازية وهي القائلة: "سوف نذهب إلى لاهاي ونجد الحل" و "ليكن هناك استغلال مشترك أيها اﻷخ". وبالطبع، هناك أيضاً أولئك الذين يقودهم حقدهم على الحزب الشيوعي اليوناني إلى قذف الأوحال مع زعمهم أن الحزب "يتماشى مع التيار القومي" حين حديثه عن الحقوق السيادية. يجب أن نعرف في البداية وبالنسبة لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، أن قراراتها تتأثر بالعوامل الجيواستراتيجية السياسية. وبمعنى آخر، نحن لا نتحدث عن عملية نزيهة لا تشوبها شائبة. ومن ناحية أخرى، فإن "الاستغلال المشترك" السيئ الصيت لموارد الطاقة يتعلق بكيفية اقتسام الفريسة بين مختلف الاحتكارات، لا بين الشعوب. إن الحزب الشيوعي اليوناني يدافع عن الحقوق السيادية، لأنه لا يعتبرها "حقلاً مملوكاً" من قبل الطبقة البرجوازية. إن للطبقة العاملة والشرائح الشعبية قولها، ويولي الحزب الشيوعي اليوناني الاهتمام اللازم للمناطق البحرية التي تستحقها البلاد، لأنه يكافح لجعلها ملكية فعلية للشعب، من أجل استغلالها لصالحه، بالتعاون مع شعوب أخرى. هذا وأكّد إليسيوس فاغيناس على «استحالة وجود "روح وحدة قومية" مع أولئك الذين حولوا اليونان إلى معسكر شاسع للولايات المتحدة و حلف شمال الأطلسي مستهدفين شعبنا» و تطرَّق إلى: «الصراع المشترك لشعبي اليونان وتركيا و أهدافه المشتركة، كما اتضح في التموضع  المشترك الأخير للحزب الشيوعي اليوناني والحزب الشيوعي التركي، ضد الطبقتين البرجوازيتين و من أجل فك الارتباط عن منظمتي الاتحاد الأوروبي و الناتو، الامبرياليتين، وإلغاء استغلال الانسان للإنسان و إرضاء الحاجات الشعبية المعاصرة، و "اجتثاث" تلك الأسباب التي تقود الشعوب إلى "ماكينة لحم" الحرب الإمبريالية». وأضاف: «إن المسألة الأساسية في هذه التطورات هي في تفهُّم أن الرأسمالية لم يعف الزمن عنها فحسب، بل وفي أنه ما من شيء إيجابي لتقدمه للشعوب، كما ولكونها خطرة نظراً لارتباطها العضوي بالحرب. إن الطبقات البرجوازية والاتحادات الإمبريالية هي خصوم الشعوب. لا يمكننا أن نتوقع أن تقوم الذئاب بحراسة الأغنام! وبدرجة تفهُّم هذه الحقيقة، ستتعزز الحركة العمالية الشعبية وستنتقل نحو هجومها المضاد، من أجل إخراج بلادنا من المخططات والمنظمات الإمبريالية، على أن يكون الشعب سيداً في موطنه ومن أجل تجسيد الشعار " لا لمنح الأرض ولا الماء لقتلة الشعوب"!".